بقلم: مفتاح شعيب – صحيفة الخليج
الشرق اليوم– عندما يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “إن قطاع غزة الفلسطيني، أصبح مقبرة للأطفال، بفعل القصف الإسرائيلي على امتداد شهر”، ويعجز مجلس الأمن الدولي عن إصدار قرار يوقف هذه المذبحة فوراً ويسمح بإغاثة المدنيين، فإن التساؤل يكون مشروعاً عن جدوى هذا النظام الدولي ومبادئه، وعن تأثيرات عجزه عن حماية شعب يخضع للاضطهاد والاجتثاث؟
أكثر شعب على وجه الأرض لم تنصفه الأمم المتحدة ومجلس أمنها، هو الشعب الفلسطيني الذي ينتظر منذ 75 عاماً أن تكون له دولته المستقلة وفق القرارات التي أصدرتها الشرعية الدولية. وبعد ما جرى في قطاع غزة منذ 32 يوماً، يتأكد أنه لا نهاية تلوح في الأفق لهذه المظلومية المزمنة. وفي ثلاث مناسبات، على الأقل، دعت دولة الإمارات، كونها تعد عضواً غير دائم في المجلس، إلى عقد اجتماعات طارئة، لوقف هذه الحرب التي سجلت من الانتهاكات ما لم تسجله حرب أخرى من قبل. ومثلما كان الشعب الفلسطيني ضحية كبرى للقصف الوحشي، كانت الأمم المتحدة بوكالاتها وموظفيها ضحية أيضاً، ضمن صورة تجسّد أعلى درجات الاستخفاف بأرواح الأبرياء، وانتهاك حرمات المؤسسات الأممية التي ترفع الرايات الزرقاء والبيضاء عنواناً لسلميتها وحيادها في أماكن النزاعات.
حالة الصدمة والرعب، التي تعيشها الأمم المتحدة مع الفلسطينيين في قطاع غزة، لم تحرك مشاعر بعض الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ولم ينتصروا حتى لهذه المنظمة ووكالاتها، كونها المظلة العليا والضامنة للقانون الدولي وحماية الناس، وخصوصاً للنازحين منهم، فما ذنب عشرات اللائذين بالمستشفيات والمرافق الصحية ومدارس “الأونروا” حتى يتم قصفهم في الأماكن التي من المفترض أنها محيدة عن الاستهداف بموجب القانون الدولي والأعراف والأخلاق، وهو ما ينذر بتداعيات خطرة على الاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى شرعية القضية الفلسطينية باعتبارها قضية مواجهة للاحتلال، ويأمل أصحابها في الاستقلال، وبناء دولة مستقلة كما كل شعوب الأرض، لكن إسرائيل ترفض الاعتراف بهذا الحق، وتريد أن تتخذ من هذه الحرب المدمرة، ذريعة لتصفية القضية عبر ممارسة ما يرقى إلى التطهير العرقي.
في خضم القصف المدمر الذي يستهدف كل شيء، يجري منع دخول المساعدات الإنسانية والطبية لقطاع غزة المنكوب، وهذا المنع سلاح آخر في هذه الحرب، ويهدف إلى جعل البقاء في القطاع مستحيلاً، ما يدفع الفلسطينيين إلى نكبة جديدة بتهجيرهم إلى سيناء، ومن الواضح أن هذا الهدف الاستراتيجي بالنسبة لإسرائيل لم يسقط، وكل الممارسات تشير إلى تنفيذه، على الرغم من التحذيرات العربية الواضحة باعتبار التهجير “خطاً أحمر” و”إعلان حرب”.