بقلم: سابين عويس- النهار العربي
الشرق اليوم– تميز الامارات العربية المتحدة موقفها من حرب غزة وتردداتها على الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، أو على المنطقة بالعمل بالتوازي على مقاربتين محوريتين، تناولهما المستشار الدبلوماسي للرئيس الاماراتي الدكتور انور قرقاش ضمن فعاليات مؤتمر السياسات العالمية المنعقد في أبو ظبي.
احدى تلك المقاربات تتمثل في العمل الدبلوماسي، فيما تركز المقاربة الثانية على البعد الإنساني للحرب والمآسي التي خلفتها.
لا يقلل قرقاش من أهمية الجهود المبذولة لوضع حد للحرب، ولكنه يرى انه ليس مهماً الاصوات العالية او التظاهرات الكثيفة التي تعبر عن الرأي العام العربي المتعاطف مع القضية الفلسطينية، بل العمل البناء، وهو ما اعتمدته الامارات في تحركها الدبلوماسي من جهة والانساني من جهة اخرى. وقد كان للامارات تحرك في اتجاه الامم المتحدة في سياق العمل من اجل وقف اطلاق نار انساني فوري، قوبل بالنقض. ورغم ذلك لم تتوقف تلك المحاولات، خصوصاً وان الامارات تسعى الى الافادة الكلية من موقعها في مجلس الأمن، وان كانت الأولويات قبل السابع من تشرين الأول (اكتوبر) كانت مختلفة. ولا يخفي قرقاش ضرورة تسليط الضوء على تزامن الجهد الدبلوماسي مع العمل الانساني ضمن مفهوم بناء الجسور والتعاضد، وانما بالطريقة العملية التي يمكن لها ان تؤدي الى النتائج المتوخاة. وقد تكون المقاربة الانسانية تجاوزت بعدها التقليدي القائم على الدعم الدائم لمنظمة الاونروا، حيث كشف قرقاش عن ان المساعدات الانسانية بلغت45 مليون دولار منها 20 مليوناً بعد 7 تشرين الأول، فضلاً عن اطلاق حملة “تراحم من أجل عزة” من الداعمين المحتملين، واعلان تأمين الاستشفاء لألف مصاب وعائلاتهم في مستشفيات الامارات.
من النقاط المهمة التي اثارها قرقاش، تلك المتصلة بمسألة احتواء الصراع، وهي السياسة التي كانت قائمة سابقاً، قائلاً إن سياسة الاحتواء التي انتهجتها إسرائيل على مدى العقدين الماضيين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لم تؤت ثمارها، ودعا إلى اتباع نهج جديد فيما يتعلق بمسائل اللاجئين والحدود والقدس الشرقية.
وقال قرقاش إنه سيتم قياس النفوذ الأميركي “بالمدى الزمني لانتهاء هذه الحرب. وكلما كان ذلك أسرع كلما كان أفضل”. وأضاف أن القياس كذلك سيكون على ما إذا كان في الإمكان اتباع منهجية أخرى لحل المشكلات، و”إذا استمرت هذه الأزمة، وخصوصا الجانب الإنساني منها، وإذا مررنا بدورة كاملة في هذه الأزمة وعدنا إلى سياسة الاحتواء القديمة التي كانت سائدة قبل السابع من أكتوبر، أعتقد أن الدور الأميركي… لن يعتبر فعالا”.
يتوقف قرقاش عند كلام الامين العام لحزب الله الذي قال فيه بعدم توسيع الحرب، هو وحلفاء ايران، ويرى في هذا الكلام تطوراً ايجابياً ولكنه لا يعني في المقابل انهاء للازمة الراهنة.
يثير نقطة مهمة اخرى، لجهة ان الازمات والامور المستجدة لا يجب ان تدفع الى التوقف عن تنفيذ الخطط الوطنية. فالى جانب العمل على تأمين الاستقرار الاقليمي يجب ان تمضي الخطط الوطنية قدماً، وهذا من منطلق الاعتناء بالمنطقة وحاجاتها مع الأخذ طبعاً في الاعتبار الصراعات فيها. وهناك من يدعو الى ايقاف تلك البرامج بسبب ضخامة الاحداث، ولكن قرقاش لا يرى في ذلك نصيحة جيدة في ما يتعلق بالاستثمار.
للاستقرار الاقليمي حيز في الحوار مع قرقاش من باب السؤال كيف يمكن الحفاظ على الوضع الراهن كما كان أو هل ان ثمة توجهاً الى توازن من نوع آخر؟ يجيب بأن العقد الماضي كان مثقلاً بالصعوبات منذ بدء الربيع العربي مروراً بانتشار جائحة كورونا. والاستقرار المطلوب يجب ان يتجاوز حدود دول الخليج ليلحظ دولاً مثل ايران او تركيا، وهو مؤمن بأن لايران مصلحة في الازدهار، وان كانت لن توقف طموحاتها السياسية. هناك في رأيه مناطق قابلة للتعايش معاً والبناء وان لم يكن ذلك سهلاً. لكن هناك مسؤولية مع المجتمع الدولي لأن نقول بأن سياسة الاحتواء ولا سيما في الموضوع الفلسطيني الاسرائيلي لم يعد له مستقبل وبلغ سقفه الاعلى، وبات هناك حاجة لآليات او مقاربات جديدة لايجاد الحلول.
فالاستقرار في نظره يتطلب ازدهاراً ولا يمكن النظر الى استقرار مع الفقر. من المهم التعلم من التجارب الماضية على مدى العشرين عاماً الماضية. هناك تحديات كبيرة تتطلب مواجهتها، كأزمة اللاجئين مثلاً في سوريا ولبنان او الازمة في السودان.