الرئيسية / مقالات رأي / غوتيريش كان الأقرب إلى الواقع

غوتيريش كان الأقرب إلى الواقع

بقلم: سميح صعب – النهار العربي

الشرق اليوم– تتصرّف الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية وكأنّ المشكلة الفلسطينية بدأت مع هجوم “حماس” في 7 أكتوبر الجاري، وأنّ كل شيء كان قبل هذا التاريخ على خير ما يرام. لا غزة محاصرة منذ عام 2007، ولا الضفة الغربية تغلي على خلفية الاستفزازات الإسرائيلية في القدس الشرقية وبقية المدن والمخيمات.

منذ عام 2014، تاريخ توقّف مفاوضات التسوية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ساد فراغ ملأته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بمحاولة تجاهل كل دعوات العالم إلى إعادة الاعتبار لحل الدولتين، كوسيلة من أجل إيجاد تسوية دائمة للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

ولقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشجيعاً من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي تماهى في مواقفه مع المواقف الإسرائيلية المتشدّدة، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ولجأ إلى ممارسة المزيد من الضغوط على السلطة الفلسطينية إلى درجة فقدت معها غاية وجودها منذ عام 1993.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ربما قارب واقع الأمر أكثر من غيره، عندما ذكّر في خطاب أمام مجلس الأمن الثلاثاء الماضي، أنّ الشعب الفلسطيني يتعرّض لاحتلال مستمر منذ أكثر من 75 عاماً. فقال: “من المهم أن ندرك أنّ هجمات “حماس” لم تحدث من فراغ، لقد تعرّض الشعب الفلسطيني لاحتلال خانق على مدار 56 عاماً، ورأوا أراضيهم تلتهمها المستوطنات وتعاني العنف، خُنِقَ اقتصادُهم، ثم نزحوا عن أراضيهم، وهُدمت منازلهم، وتلاشت آمالهم في التوصل إلى حلّ سياسي لمحنتهم”.

كلام غوتيريش لم ينزل برداً وسلاماً على إسرائيل، التي طالبت باستقالته، لأنّه انتقد بحدّة الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة وعملية تهجير مليون فلسطيني من شمال القطاع إلى جنوبه، في ظروف أقل ما توصف بأنّها كارثية.

ربما كان غوتيريش وحده من تجرأ على انتقاد إسرائيل بسبب حملة القصف غير المسبوقة على قطاع غزة وعلى قطع إمدادات المياه والكهرباء والغذاء والوقود عن 2.3 مليون شخص، من دون أن يسلم حتى جنوب غزة الذي دعت إسرائيل سكان شمال القطاع إلى التوجّه إليه، من حملة القصف.

أما القادة الغربيون الآخرون، بدءاً من الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، فإنّهم عندما كانوا يقفون إلى جانب نتنياهو في المؤتمرات الصحافية، كانوا يبدأون بمقاربة الأمور من أحداث 7 تشرين الأول. ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، أيّدت وقف المساعدات التي يقدّمها الاتحاد الأوروبي إلى الفلسطينيين، في موقف أثار استهجان مسؤولين داخل الاتحاد.

واجب القادة الأوروبيين كان تذكير إسرائيل بأنّ غياب المفاوضات مع الفلسطينيين، وتبنّي مقاربة الحل الأمني وحده في الضفة الغربية وغزة، هما ما فاقم الأوضاع وعمّق شعور الفلسطينيين بالإحباط بعدما شعروا أنّ العالم قد تخلّى عنهم، وأنّ بايدن الذي يكرّر أنّه لا بدّ من حلّ الدولتين، لم يفعل شيئاً للدفع بهذا الاتجاه، وتركّز جلّ اهتمامه في الأشهر الأخيرة على مواجهة روسيا في أوكرانيا، والعمل على احتواء الصين في المحيطين الهادئ والهندي.

ومنذ تشكيل حكومة أقصى اليمين الديني والقومي في إسرائيل، زادت الاستفزازات وتكرّرت عمليات اقتحام مجمع المسجد الأقصى من قِبل وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير، وزاد البناء الاستيطاني في القدس الشرقية والضفة الغربية، وارتفعت وتيرة العمليات الاستباقية في مدن الضفة الغربية ومخيماتها.

السلطة الفلسطينية لطالما حذّرت من العواقب. ومقرّرو الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية كانوا يحذّرون خلال إحاطاتهم أمام مجلس الأمن، من أنّ الاحتلال الإسرائيلي جعل الفلسطينيين وكأنّهم في سجن مفتوح.

وارتكبت أمريكا خطأ فادحاً بانتهاجها سياسة سلبية وعدم فعل شيء من أجل منع انفجار كما هو حاصل اليوم.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …