بقلم: عبدالله العلمي – النهار العربي
الشرق اليوم- توقّعات صندوق النقد الدولي بانخفاض النمو في كل دول العالم، وبخاصة الاقتصادات النامية في شرق آسيا والمحيط الهادئ هذا العام والسنة المقبلة، لم تأتِ من فراغ. الأسباب عديدة، ومن ضمنها استمرار ضعف الاقتصاد العالمي، وهو أقل بكثير من المتوسط منذ العام 2000، وتأثير شح الموارد على البشر والبيئة على حدّ سواء.
الصندوق علّل خفض توقّعاته أيضاً بسبب تراجع إنتاج النفط التزاماً باتفاق تحالف (أوبك+)، والتوترات السياسية التي نشهدها يومياً، ما أثّر سلباً على الأسواق. لم تكتفِ تلك المؤسسة العالمية الكبرى بذلك، بل أشارت إلى احتمال تراجع اقتصاد السعودية خلال 2023، وهبوط اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال 2024 بنسبة 0.2 في المئة لتبلغ 3.7 في المئة، وكذلك تقهقر النمو حول الكرة الأرضية خلال 2024 إلى 2.9 في المئة.
هذا هو المشهد المقبل كما يصفه المحللون؛ تدهور الأسواق المتقدّمة تزامناً مع حالة الريبة وعدم اليقين التي تمرّ فيها كل الدول، وتسجيل السندات سلسلة طويلة- عريضة من الخسائر. كذلك هناك فرضية توقّف النمو في الصين، وارتداد أسعار الذهب رغم وصولها إلى منطقة دعم جيدة نسبياً، واستمرار تراجع الأسهم الأوروبية، وتراكم الديون على الدول منخفضة الدخل، وربما دخول العالم في حالة ركود مزمنة.
في المقابل، هناك تكهنات أكثر إيجابية بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وأذكر تحديداً الاستثمار في المشاريع العملاقة، ما يدعم كل القطاعات بما فيها غير النفطية. أدلى صندوق النقد الدولي بدلوه، وتوقع أن يتضاعف نمو الاقتصاد السعودي العام المقبل 2024، ليصل إلى 4 في المئة مقارنة بالعام الجاري.
المعطيات واضحة، فالقطاع البنكي في السعودية يحظى بمستويات ورؤوس أموال جيدة، ونسبة القروض إلى الودائع لا تزال أعلى من المتطلبات النظامية، ولا يوجد انكشاف للبنوك السعودية على البنوك العالمية المتعثرة. كذلك يستمر نمو الأقساط في شركات التأمين، ولم تتأثر أسعار المواد الأساسية وبخاصة الأغذية.
هناك أيضاً احتمال قوي باستمرار إزدهار قطاع السفر والسياحة الداخلية. فقد أطلقت شركة “البحر الأحمر الدولية” شركتها الجديدة ” فلاي رد سي” Fly Red Sea كأول شركة طيران مائي في السعودية، لنقل الزوار عبر الجو والمياه الصافية إلى المنتجعات الخلاّبة على جزر البحر الأحمر. أما في أبها البهية، فقد تمّ إعداد المخطّط الجديد للمطار الدولي، لاستيعاب أكثر من 13 مليون مسافر سنوياً، أي بزيادة 10 أضعاف الطاقة الحالية، وتشغيل أكثر من 90 ألف رحلة سنوياً، ليصبح عدد البوابات 20 بوابة، و41 منصّة لإنهاء إجراءات السفر، ومنصّات جديدة للخدمات الذاتية.
آخر الكلام… يبدو أنّ الرابح الوحيد في الفترة الحالية هو الدولار الأميركي، فهذه العملة (الصعبة) تتلقّى المساندة من العمليات العسكرية في إسرائيل والتي خلّفت الكثير من الخسائر المادية والبشرية. هذا الوضع يُقدّم الدعم للدولار كونه أحد الملاذات الآمنة للمستثمرين في وقت الأزمات السياسية الحرجة، تماماً كما حدث مع بداية الحرب الروسية – الأوكرانية التي أسهمت في ارتفاع الدولار 20 في المئة في تلك الفترة.
فعلاً، رُبّ ضارّة للبعض نافعة للبعض الآخر.