الرئيسية / مقالات رأي / مخطط غيورا آيلاند ومشروع “الوطن البديل” في سيناء

مخطط غيورا آيلاند ومشروع “الوطن البديل” في سيناء

بقلم: عمرو فاروق- النهار العربي
الشرق اليوم– لا تزال الحركة الصهيونية اليهودية تعيش أوهام وخيالات قيام إسرائيل الكبرى من “النيل إلى الفرات”، رغم فشل عشرات المشاريع السياسية والتقسيمية التي وضعتها الإدارة الأميركية لإعادة ترسيم مناطق الشرق الأوسط على أسس مذهبية وطائفية وعرقية، بما يخدم تل أبيب ويضمن لها الهيمنة والسيطرة المطلقة سياسياً وعسكرياً على دول المنطقة العربية.

ما تفعله إسرائيل تجاه الشارع الفلسطيني من اعتداءات وحشية، وإبادة جماعية لمواطني قطاع غزة، برعاية الولايات المتحدة الأميركية، وتخييرهم بين الموت تحت القصف الإسرائيلي أو النزوح باتجاه “العمق السيناوي”، يمثل الورقة الأخيرة في تمرير مخطط غيورا آيلاند، ومحاولة تصفية “القضية الفلسطينية”، سياسياً وجغرافياً، والاعتداء على سيادة دول الجوار، لا سيما القاهرة التي أعلنت رفضها لتلك الممارسات التي تهدد الأمن القومي المصري.

الترسانة العسكرية الإسرائيلية – الأميركية، المنصوبة حالياً تجاه الشعب الفلسطيني، تحت غطاء تدمير البنية العسكرية لحركة “حماس”، تستهدف ظاهرياً ترهيب الجانب الإيراني، باعتباره المخطط والداعم لعملية “طوفان الأقصى”، لكن في طياتها تفرض حالة واقعية على عدد من الدول العربية، في تحجيم علاقاتهم الاقتصادية والعسكرية والسياسية مع كل من الصين وروسيا، ووقف تعددية الأقطاب، وفقاً لما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤخراً، “سنغير الشرق الأوسط”، فضلاً عن تنفيذ مشروع “الوطن البديل”، المطروح منذ عام 2010، أو ما عرف حديثاً بـ”صفقة القرن”.

ترتيبات مشاهد الحرب العسكرية المرتقبة في الشرق الأوسط، التي يتم إدارتها حالياً بتوافق إسرائيلي – أميركي، تواكبها معركة أخرى إعلامية، سواء من خلال ترويج لبروباغندا “الكذب السياسي”، مستهدفة شيطنة “المقاومة الفلسطينية”، وخلق تعاطف عالمي مع المجتمع الإسرائيلي، في إطار توظيف الإعلام في خدمة الأيديولوجيا، وفق ما يعرف بـ”صناعة الإذعان”، فضلاً عن الإطار الدبلوماسي، من خلال قيام الخارجية الأميركية بمنع دبلوماسييها العاملين في قضايا الشرق الأوسط من استخدام كلمات “وقف التصعيد” أو “وقف العنف” أو “حقن الدماء” أو “استعادة الهدوء”، في تصريحاتهم الإعلامية المتعلقة بالمسألة الفلسطينية، وفق ما كشفته صحيفة HuffPost الأميركية.

التدخلات المجحفة للإدارة الأميركية في القضية الفلسطينية، وتمسكها بمشروع “الشرق الأوسط الجديد”، ترجع في ذاتها إلى الإطار الفكري اليميني، للفيلسوف والمفكر ليو شتراوس، أحد الذين أثروا في عقليات وسياسات تيار “المحافظين الجدد”، والذي وصفته وسائل الإعلام بـ”الشيطان” الكامن في مخرجات السياسة الأميركية، لما لنظرياته من إضفاء الصبغة الدينية المتعصبة عليها، وتأكيده على مفردات “الحروب المقدسة”، ومن ثم التماهي مع مفاهيم “الصهيونية المسيحية” القائمة على أن الإيمان بعودة المسيح مشروطة بقيام دولة إسرائيل، وأن قيامها لن يتحقق إلا بتجمع اليهود في فلسطين.

العقيدة اليمينية المتطرفة ببعديها السياسي والديني، ووضع الدين كمكوّن أساسي للسياسة الخارجية الأميركية؛ تدللها تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، خلال زيارته الأخيرة لتل أبيب، من أنه جاء إلى إسرائيل بصفته يهودياً، قبل أن يكون وزيراً للخارجية الأميركية.

تضمن مخطط غيورا آيلاند، الذي شغل منصب رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي، ورئيس مجلس الأمن القومي، مجموعة من الخيارات السياسية، نشرت في وثيقة بحثية صادرة عن مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية، التابع لجامعة بار إيلان الإسرائيلية، تحت عنوان “البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين”، في كانون الثاني (يناير) 2010.

ونصت الوثيقة السياسية على تزويد “الدولة الفلسطينية” بظهير شاسع من الأراضي المقتطعة من شمال سيناء، تصل إلى 720 كلم، وتبدأ من الحدود المصرية مع غزة، وحتى حدود مدينة العريش، وهذه الأراضي عبارة عن مستطيل، ضلعه الأول 24 كلم، ويمتد بطول ساحل البحر المتوسط من مدينة رفح غرباً، وحتى حدود مدينة العريش، أما الضلع الثاني فيصل طوله إلى 30 كلم من غرب “كرم أبو سالم”، ويمتد جنوباً بموازاة الحدود المصرية مع إسرائيل، على أن تحصل القاهرة على مساحة بديلة داخل صحراء النقب (منطقة وادي فيران)، الواقعة تحت سيطرة تل أبيب، وتؤدي هذه الزيادة إلى مضاعفة حجم قطاع غزة نحو 3 مرات، والبالغ حالياً 365 كلم.

دعت الوثيقة إلى ضم الأراضي الأردنية المجاورة لنهر الأردن إلى سيادة الدولة الفلسطينية الجديدة، مع تعويض الجانب الأردني عن تلك المنطقة، بضم أراض مجاورة خاضعة لسيادة المملكة العربية السعودية، مع ضم نحو 13 في المئة من الضفة الغربية إلى الأراضي الإسرائيلية.

اعتمد مشروع غيورا آيلاند على فكرة الترغيب في المكاسب، من خلال قيام “تل أبيب” بالسماح للقاهرة بشق نفق يربط بين مصر والأردن، ويبلغ طوله 10 كلم، ويقطع الطريق من الشرق للغرب (على بعد 5 كلم من إيلات)، ويخضع للسيادة المصرية الكاملة، وإتاحة تمكين الفلسطينيين من إنشاء ميناء دولي كبير (في القطاع الغربي من غزة الكبرى)، ومطار دولي على بعد 25 كلم من الحدود مع الكيان الصهيوني.

تطرقت الوثيقة إلى تفاقم قضية المياه بالنسبة لمصر، وإمكان قيام تل أبيب بالضغط على البنك الدولي، والمؤسسات المشابهة، بضخ استثمارات وإقامة مشروعات ضخمة لتحلية وتنقية المياه في القاهرة، وتوفير الخبرات التكنولوجية، ورؤوس الأموال الهائلة لتغطية هذا الجانب.

من المرجح أن تشهد الساعات المقبلة العديد من السيناريوات المفتوحة، ربما أهمها الاجتياح العسكري البري لقطاع غزة، تحت مبررات تفكيك البنية التحية لحركة “حماس”، ما يدفع إلى تعزيز الصراع، ودخوله إلى دائرة الحرب بالوكالة، في نطاق الدول المجاورة مثل لبنان وسوريا، فضلاً عن احتمالية الصدام المباشر بين طهران وتل أبيب، وتطوير الصراع إلى الساحة الإقليمية، بما يضمن إحداث التغيير المزعوم في الشرق الأوسط.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …