الرئيسية / دراسات وتقارير / إياد علاوي: صدام حسين مات فقيراً

إياد علاوي: صدام حسين مات فقيراً

الشرق اليوم– كشف رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي عن تفاصيل جديدة حول الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وعلى النقيض من التقارير الغربية والعربية التي تحدثت عن الثروات المذهلة التي كان يمتلكها الرئيس الراحل، فإن الحقيقة مختلفة تماماً.

ففي حين تحدث بعض السيناريوهات عن مليارات الدولارات التي أودعها صدام حسين بأسماء مستعارة في مصارف بعيدة، وقيل أيضاً إنه كان يكدس في قصوره كميات ضخمة من العملات، فضلاً عن الذهب، قال علاوي في لقاء مع صحيفة “الشرق الأوسط” إن السلطات التي قامت بعد سقوط نظام صدام حسين أجرت تحقيقات، ولم تعثر على عقار واحد باسمه، بما فيها الطائرة التي كان يستخدمها. وأشار إلى أنه بعد وفاة صدام حسين أجريت تحقيقات ولم يعثر خلالها على أية أموال أو عقارات باسمه، بل كان كل شيء مسجلاً باسم الحكومة العراقية ووزارة الخارجية ومجلس قيادة الثورة، وحتى طائرته الخاصة كانت لشركة تملكها الاستخبارات العراقية. وأضاف “لم يكن يحب المال، ولم يكن يبحث عنه. كان يبحث عن السلطة والنفوذ والقوة. هذا هو صدام. لا يبحث عن المال والحرام. هذه الأمور لم يفعلها. كان صدام محافظاً على الصعيد الشخصي. كان محافظاً جداً. وكانت العلاقة به قوية منذ بدء معرفتي به، وحتى موعد مغادرتي العراق. تصور أنه أصر على أن يذيع شخصياً نبأ وفاة والدتي”.

“رفضت رؤيته معتقلاً”

يقول علاوي إنه على رغم جروحه الشخصية نتيجة محاولة اغتياله، رفض زيارة صدام بعد اعتقاله.
ويروي علاوي “امتنعت عن الذهاب لأن الشماتة ليست من عاداتنا، خصوصاً حين يكون خصمك في وضع لا يسمح له بالرد عليك. ثم إن صدام، وعلى رغم كل ما فعله بالبلاد وبي شخصياً، كان رئيساً للعراق، ولم أرغب في رؤية رئيس العراق أسيراً في سجن أميركي. يضاف إلى ذلك أننا كنا نحلم بتأسيس العراق الجديد على قاعدة العدالة، لا على قاعدة الثأر. الرجل الثاني الذي رفض مشاهدة صدام في المعتقل هو مسعود بارزاني الذي خاض ضده مواجهات طويلة ودفع آلاف الضحايا من عشيرته وشعبه وعائلته”.
وكان مسعود بارزاني قد صرح هو أيضاً برفضه زيارة صدام لأن “الشماتة ليست من عاداتهم”.

يقول علاوي “كنت في زيارة إلى لندن، وبلغني نبأ اعتقال صدام حسين. لم أفاجأ. هو ليس من النوع الذي يهرب، بل يواجه، وهو كان يقود المقاومة. ذكرت لك أنني اجتمعت ببعض أفراد المقاومة في بستان بأبو غريب. قلت لمجموعة منهم (عيب عليكم أن تصبحوا في يد الزرقاوي وأنتم أبناء عشائر مهمة وعسكريين مهمين؟ لماذا سلمتم أموركم إلى الزرقاوي وأصبحتم إرهابيين). أجابوا (نحن لسنا إرهابيين، نحن ضد الأميركيين. قلت لهم: نحن لا نقول لكم إننا مع الأميركيين، وأنا شخصياً دخلت العراق مع عشائر الأنبار، ولم أدخل مع الأميركيين، ولم أركب دبابة أميركية ولا طائرة أميركية. نحن ضد الحرب وضد الاحتلال. مواقفنا واضحة من هذه القضية). في الحقيقة، كانوا كلهم يحبون صدام ويقاومون عن محبة جدية، وإلى الآن يحبونه. تسألني لماذا بقيت هناك شعبية لصدام في بعض الأوساط على رغم كل ما فعل؟ السبب الرئيس لهذه الشعبية هو سوء تصرف الحكام الحاليين. حكيت لك عن أسلوب تطبيق قرار الاجتثاث، والمشاعر ضد الاحتلال ويمكن أن نضيف ما ظهر من حساسية سنية – شيعية”.

ويسرد رئيس الوزراء العراقي الأسبق أنه شعر يوم إعدام صدام بألم كبير، وأنه اقترح على الأميركيين أن يتم إجراء حوار مع الرجل، لعله يروي قصة العراق في السنوات الطويلة التي كان فيها صاحب القرار فيه. ويضيف “كنت أريد أن يعرف العراقيون ماذا حدث بلسان الرجل نفسه. لماذا حارب إيران، وما ملابسات الحرب؟ ولماذا غزا الكويت، وكيف اتخذ القرار؟ لماذا أعدم وجبات كبيرة من المواطنين المعارضين ومن البعثيين أيضاً؟ ولماذا شن الحروب الفظيعة على الأكراد؟ ولماذا اغتال معارضين في الخارج أو حاول اغتيالهم وأنا بينهم؟ كنت أريده أن يروي وما كان لروايته أن تمنع محاكمته. كان من شأن رواية من هذا النوع أن تكشف الحقائق وتظهر المسؤوليات وتدفع الذين أعجبوا بصدام إلى التفكير في ثمار أعماله. للأسف، لم يحصل ذلك. توقيت الإعدام أسهم أيضاً في تعاطف عراقييين معه. هل كان ضرورياً إعدامه فجر يوم العيد؟ أضيفت إلى مشاهد الإعدام قصة أخرى حذرنا منها مراراً. طلبنا أن يعالج موضوع ما سموه اجتثاث البعث على يد القضاء، لا أن يتحول إلى أداة سياسية لتصفية الحسابات واستبعاد أناس أو تهميشهم. للأسف، لم يتم الاستماع إلى نصائحنا. هذه المسائل جعلت قسماً من الناس يحتفظون بمشاعر التعاطف مع صدام، وهو أمر لا يمكن إنكاره. مفهوم أن يعاقب من تلطخت يداه بالدماء، لكنك لا يجوز أن تعاقب الناس لأنهم يؤيدون فكرة ما”.

إيران شاركت في تخريب العراق

من جانب آخر، يقول علاوي “إن أميركا خربت العراق، وإن إيران كانت شريكتها”، مؤكداً أنه لم يزر إيران يوماً على رغم توليه منصب رئيس الوزراء ونائب رئيس الجمهورية ورئاسة كتلة نيابية كبيرة. وكان لافتاً عدم تردده في إبداء انتقادات صريحة للتدخلات الخارجية في الشأن العراقي، وبينها تدخلات أميركا وإيران.

كما ذكر أن الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن تدخل لديه مرات عدة في عهد باراك أوباما، لإقناعه بالتخلي عن حقه لمصلحة بقاء نوري المالكي رئيساً للوزراء إرضاء لإيران، وحاول إغراءه بمنصب رئيس الجمهورية. وكشف أيضاً عن أنه رفض عرضاً من قائد “فيلق القدس” الإيراني الجنرال قاسم سليماني، لتولي زعامة الشيعة في العراق، وأجابه “أنا عراقي عروبي علماني”.

صدام قاد “مقاومين”

كذلك، نقلت الصحيفة عن أحد المقربين من صدام حسين قوله إنه التقاه مرتين بعد سقوط نظامه، الأولى على أطراف الفلوجة في 11 أبريل (نيسان) 2003، والثانية في بغداد في 19 يوليو (تموز) بعد أن كان في قبضة القوات الأميركية.

وروى أن صدام كان قريباً من ساحة الفردوس، حين قامت مدرعة أميركية بإسقاط تمثاله. وأضاف أنه قاد في الليلة نفسها، من مقر سري قريب، أول عملية لـ”المقاومة” ضد الأميركيين، وهي استهدفت مواقع لقواتهم في محيط مسجد أبو حنيفة النعمان بالأعظمية، وأنه كاد يشارك شخصياً في الهجوم، لكن مرافقيه منعوه خوفاً عليه. وذكر أن صدام غادر بغداد إلى هيت، ومنها إلى الفلوجة، حيث عقد اجتماعاً أمنياً بحضور نجله قصي دعا خلاله إلى نصب مكامن للقوات الأميركية “كي يعرفوا أن العراق لقمة صعبة”. وأضاف أن صدام توجه في اليوم التالي إلى بغداد، والتقى في مقر بديل بمنطقة الدورة محاسبي ديوان الرئاسة، وحصل منهم على مبلغ مليون و250 ألف دولار، ووقع على ورقة تقول إن الهدف من القرض “إدامة عمليات المقاومة ضد الاحتلال الأميركي، وعليّ إعادتها في أقرب الأجلين”.

مفرط في القسوة

الصحيفة التقت أيضاً رجلاً عمل في القصر إلى جانب صدام، وانتقد قرار غزو الكويت، معتبراً أنه قصم ظهر العراق، لكنه حرص على الإشارة إلى “نزاهة صدام الذي ادعى الإعلام أنه كدس المليارات في حسابات سرية في الخارج أو في مقاره. الفساد الحقيقي حصل بعد سقوط النظام”.

وقال الرجل الذي عاش مع صدام الشاب في منزل واحد أيام العمل السري “تستطيع القول إنه قاسٍ أو مفرط في القسوة، لكنه كان يعد نهب المال العام نوعاً من الخيانة”. وحرص أيضاً على القول إن صدام كان يدير قسماً من المقاومة ضد الاحتلال الأميركي.

المصدر: اندبندنت عربية

شاهد أيضاً

هل انتهى محور الممانعة؟

الشرق اليوم– هل انتهى محور المقاومة والممانعة الإيراني؟ سؤال يصح طرحه بعد مرور أكثر من عام على …