الرئيسية / مقالات رأي / أوكرانيا والناتو.. والانضمام الصعــب

أوكرانيا والناتو.. والانضمام الصعــب

الشرق_اليوم- بعد سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفييتي ومعهما حلف وارسو، لم تعمد الولايات المتحدة إلى استغلال الفرصة لتحقيق الاستقرار في أوروبا والعالم، وبدء مرحلة جديدة في العلاقات الدولية تقوم على التعاون وتحقيق السلام، ومباشرة السعي إلى حل الأزمات العالمية الناتجة عن مرحلة الحرب الباردة، بل عمدت في ظل إدارتي بيل كلينتون وجورج بوش الابن إلى استغلال الوضع الدولي الجديد بالسعي إلى توسيع حلف الأطلسي شرقاً والاقتراب من الحدود الروسية، مستغلة ضعف روسيا آنذاك، كما عمدت إلى توسيع وجودها العسكري في العالم على اعتبار أنها باتت القوة الوحيدة فيه بلا منازع، والقادرة على فرض سياساتها من دون أن ينافسها أحد.
وفي إطار سياسة التوسع هذه، انضمت في العام 1999 بولندا والمجر والتشيك إلى الحلف، ثم حصل توسع آخرعام 2004 بضم سبع دول من أوروبا الوسطى والشرقية هي بلغاريا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا.
في العام 2008 خلال قمة حلف الأطلسي في بوخارست حاول الرئيس الأمريكي جورج بوش توسيع الحلف أكثر بالسعي إلى ضم أوكرانيا وجورجيا، لكن محاولته باءت بالفشل، بعد أن وقفت ألمانيا بزعامة أنجيلا ميركل، وفرنسا بزعامة نيكولا ساركوزي ضد محاولة الضم «لعدم استفزاز روسيا»، رغم أن الرئيس الأوكراني آنذاك فيكتور يوشتشنكو بذل جهوداً كبيرة مع الأمريكيين للانضمام، ووعده الرئيس بوش بذلك.
تعمدت الولايات المتحدة وبسعي حثيث توسيع حلف الأطلسي شرقاً، رغم وجود تعهد بعدم توسيع الحلف بعد إعادة توحيد ألمانيا عام 1990، وهو ما أكده جاك ماتلوك آخر سفير أمريكي لدى الاتحاد السوفييتي الذي قال إن الغرب قدم «التزاماً واضحاً بعدم التوسع»، كما أن ميخائيل غورباتشوف، آخر رئيس سوفييتي كتب في مذكراته عام 1966، أنه «خلال مفاوضات توحيد ألمانيا، أعطى الغرب تأكيداً بعدم توسيع الناتو منطقة عملياته باتجاه الشرق».
في الوثائق الألمانية التي رفعت عنها السرية مؤخراً، نشرت مجلة «دير شبيغل» بعض الأوراق الرسمية التي تتحدث عن دور الولايات المتحدة في السعي إلى انضام أوكرانيا إلى الحلف وكيف أن ألمانيا وفرنسا عرقلتا هذه المحاولة.
تنقل الأوراق السرية عن السفير الألماني في بروكسل براندبورغ قوله لزملائه الأمريكيين «من المستحيل إقامة الأمن في أوروبا من دون روسيا، ومن الغباء محاولة القيام بذلك من دون روسيا». كما تتحدث الأوراق عن أن ميركل كانت تتهرب من الحديث مع بوش حول الانضمام، واعترفت ميركل بالجهود التي يبذلها بوش وقالت بروح الدعابة «جورج، لقد لاحظت أنك تطلب من الأوروبيين التحدث معي عبر الهاتف، ثم أسألهم هل تتصلون نيابة عن جورج؟ وبعد ذلك أعلم أن الأمر كذلك.. إنه ليس موقفاً تكتيكياً، أنا لست من الأشخاص الذين يقولون شيئاً مختلفاً عما قلته في القمة».
في قمة فيلينوس الأخيرة لحلف الأطلسي، وفي غمرة الحرب المستعرة في أوكرانيا، جدد الرئيس الأوكراني زيلينسكي طلب الانضمام، عسى أن يستطيع جره إلى الحرب مباشرة ضد روسيا، لكن محاولته هذه المرة فشلت أيضاً، لأن الدخول في هذه الحرب يعني المغامرة بحرب عالمية ثالثة سوف تكون نتائجها مختلفة كثيراً عن الحربين العالميتين الأخيرتين.

المصدر: الشرق الأوسط

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …