بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- مفهوم منذ بدأت المواجهة الروسية الأوكرانية على أراضي الثانية؛ بل حتى قبل أن تأخذ الشكل العسكري، أنها ليست حرباً بين دولتين جارتين؛ بل هي في جوهرها بين معسكرين: أحدهما تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ومن يواليها من دول الغرب، والثاني تتزعمه روسيا وقد تستميل إليه، وفق حسابات معقدة تخص كل طرف، بعض الدول التي تناهض السياسات الأمريكية.
ترى الولايات المتحدة في هذه المواجهة سبيلاً لإضعاف روسيا. وعلى الرغم من الحرص الأمريكي على عدم التورط في فعل عسكري مباشر يستفز الجانب الروسي، فإن الخطى الأمريكية من أجل الحشد والتسخين المستمرين في مواجهة الروس لم تتوقف، بدءاً من العقوبات، مروراً بالدعم المالي لأوكرانيا، والسعي إلى تزويدها بالسلاح عن طريق طرف ثالث.
في المقابل، تتعامل روسيا مع المسألة على أنها حرب وجود يتوجب عليها خوضها؛ دفاعاً عن حدودها؛ واستعادة لإمبراطوريتها.
وعلى الرغم من انقضاء عام ونصف العام على اندلاع الحرب في أوكرانيا، فإن أياً من نتائجها المتوخاة من الجانبين لم يتحقق، وإن كان ذلك يُوضع في خانة الانتصار للجانب الروسي على الرغم من كُلفته الباهظة، لكن الأهم والأوضح من أي وقت مضى أن أوكرانيا أصبحت بكامل أراضيها ومستقبلها في الفخ الذي حذرها منه كثيرون.
تبعت أوكرانيا الولايات المتحدة والغرب إلى آخر خط الغواية، وقبلت أن تكون ميدان الحرب الباردة بشكلها الجديد، ثم تفرغ رئيسها للشكاية إلى حد اليأس أحياناً، من تباطؤ الدعم العسكري لبلاده، وأصبح رهانه على حرب مضادة محض نكتة عسكرية لا تنتهي، ولا تمنحها الجدية استعادة كيلومترات في هذه المنطقة أو تلك من القوات الروسية.
ما حذر منه أوكرانيا كثيرون يتحقق الآن على لسان “الناتو” والولايات المتحدة، فالجنرال الأمريكي مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، قال: “إن الهدف الأوسع لأوكرانيا المتمثل في طرد القوات الروسية من أراضيها يتطلّب وقتاً طويلاً”.
وعلى الرغم من هذه القناعة، فإن الجنرال الأمريكي مضى في غواية أوكرانيا، بتأكيد أنها لا تزال تمتلك “قوة ضاربة مهمة” تضمن، كما أكد، انتظام الهجوم المضاد، ولو ببطء، جازماً بأن هذا الهجوم لم يفشل! هذا الوقت الطويل المطلوب لإخراج الروس من أوكرانيا في رأي مارك ميلي، عبّر عنه ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، بشكل أوضح وأصدق، وهو استبعاد أي نهاية سريعة للحرب في أوكرانيا. ودعا ستولتنبرغ، والمؤكد أنه يقصد دول الحلف، إلى تهيئة النفس لحرب طويلة الأمد في أوكرانيا.
والمؤكد أيضاً أن دول الحلف، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، تيقنت من أن المواجهة مع الجانب الروسي في أوكرانيا ليست نزهة، وأن الخروج الآمن منها لم يعد رفاهية، خاصة أنه إن حدث بغير بلوغ أي هدف، سيعني هزيمة كبرى أمام روسيا، التي لم تضعف، وسيترك أوكرانيا في فخ ستعجز طويلاً عن الخروج منه.
أوكرانيا
روسيا
الشرق اليوم