بقلم: فارس خشان- النهار العربي
الشرق اليوم– يزعم “حزب الله” أن “انتصاره” في حرب تموز (يوليو) ٢٠٠٦، أفشل المشروع الاميركي الخاص بالمنطقة: “الشرق الاوسط الجديد”.
ويقوم هذا المشروع على رؤية اميركية بإقامة “سلام اقتصادي” في الشرق الأوسط، بحيثتتجاوز الدول المعنية خلافاتها البينية وحالة العداء مع إسرائيل لإقامة سوق اقتصاديةكبرى قادرة على التفاعل مع العالم، بشرقه وغربه.
ودارت السنوات، فشهد العالم انهيار الدولة اللبنانية التي سيطر عليها “حزب الله” تباعًا،منذ انتهت حرب العام ٢٠٠٦ ، وتدمرت الدولة السورية بسبب تمسك الدكتاتور الحاكمبالسلطة، وتقهقر العراق، وجاع الايرانيون، ومات اليمنيون، وتدهورت أحوالالفلسطينيين، وظهر أنّ مشروع الشرق الأوسط الجديد حيّ وقائم ومستمر، وفق ما بيّنالاعلام والتوقيع على مشروع “جسر القارات”.
وتلعب كل من الهند والسعودية والإمارات والأردن وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، دورًا رائدًافي هذا المشروع الذي يقيم السلام على أساس النمو.
ويُبيّن التدقيق في هذا المشروع أن لا دور فيه لدول محور الممانعة التي يبدو أنّها سوفتبقى على هامش التطور في المنطقة والعالم، ولا أمل لأيّ منها بحصد ، ولو جزئي، لثمارالتقارب “العظيم”.
وهذا يعني أنّ الصراعات التي أدخل بها محور الممانعة دولًا عدة في المنطقة حوّلها الىمتاريس في نزاعات لم يثبت فشلها فحسب بل تسبّبت بكوارث لها ولشعوبها، ورمتها في هامش الجغرافيا الاقتصادية، أيضًا.
ولكن هذا لا يفيد بأنّ فرص لبنان وسوريا والعراق وغيرها من الدول التي يتحكم بها محورالممانعة قد نفدت، اذ إنّ مشروع “جسر القارات” لم يقفل على نفسه بعد، ولا تزال هناكامكانات للحاق بركبه.
ويحتاج توفير المناخات الملائمة للحاق بركب “جسر الأمم” الى تغييرات في المنهجيةالسياسية التي تتحكم بدول “محور الممانعة”، فسوريا، مثلًا، وهي تحتاج الى ثرواتضخمة لاعادتها الى خارطة الامم، تعاني من نظام بشّار الاسد المصر على تهميش حقوقشعبه لمصلحته ومصلحة الدول والقوى التي تدعمه، ممّا حوّلها الى أكبر دولة تهجيريةفي الشرق الأوسط، فيما يواجه لبنان اصرار “حزب الله” على السيطرة عليه، مهما كلّفالثمن، مستغلًا من أجل ذلك شعارات تبقي ارادة الحرب، ولو كانت مجرد لعبة تبادل مصالحمع إسرائيل، في الواجهة على حساب النمو والرفاهية والاقتصاد.
ولا يخرج المأزق الرئاسي في لبنان عن هذا السياق، اذ إنّ “حزب الله” يريد، من خلالالرئاسة، الامساك بالدولة بعدما أمسك، من خلال السلاح، بالميدان.
وتكمن المشكلة مع “حزب الله” في أنّ دول المنطقة المعنية بمشروع “جسر القارات” تعتبرهعصابة اجرامية هنا وتنظيمًا ارهابيًّا هناك، الأمر الذي يجعل لبنان، في حال بقي تحتسيطرته، دولة غير مؤهلة للانخراط في أي مشروع اقتصادي كبير.
وكان يمكن للاستحقاق الرئاسي ان يغيّر النظرة الاقليمية والدولية الى لبنان لو أنّ “حزبالله” وافق على ادخال تغييرات ايجابية على نهجه، فاسحًا في المجال للقوى التي يمكن انتتواصل مع الاقليم والعالم، من خارج منطق “محور الممانعة”، أن تكون لها كلمة وازنة فيصناعة القرار اللبناني.
على أيّ حال، فإنّ مبادرة “جسر القارات” التي كشفت خطوطها العريضة “قمة العشرين” في نيودلهي، بيّنت أنّ اعلان انتصار محور الممانعة على مشروع الشرق الأوسط الجديدمجرّد تمنّ حتى لا يقال مجرد اضغاث أحلام.