بقلم: وائل الغول – الحرة
الشرق اليوم- بعد زلزال المغرب وعاصفة “دانيال”، انتشرت “نظريات مؤامرة” تروج لكون تلك الظواهر الطبيعية “مصطنعة” أو حدثت بـ”فعل فاعل”، بينما يكشف مختصون تحدث معهم موقع “الحرة” عن مدى صحة ذلك، ويقدمون أدلة علمية حول حقيقة تلك الادعاءات.
زلزال المغرب “المدمر”
في المغرب، تتواصل عمليات البحث والإنقاذ للعثور على ناجين وتقديم المساعدة لمن فقدوا منازلهم، رغم تلاشي الآمال بعد مرور أكثر من 72 ساعة على الزلزال المدمر.
وقال التلفزيون الرسمي المغربي إن الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة وضرب جبال الأطلس الكبير في وقت متأخر يوم الجمعة، حصد أرواح 2901 شخص وتسبب في إصابة 5530.
وهذا الزلزال هو الأكثر فداحة من حيث عدد القتلى في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، منذ عام 1960، والأقوى منذ أكثر من قرن.
وبعد وقوع “الزلزال المدمر” انتشرت نظريات مؤامرة زعم مروجوها أنه “مفتعل”، وقد لاقت بعض تلك الادعاءات رواجا بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن بين هذه النظريات اتهام برنامج “هارب” (HAARP)، وهي الأحرف الأولى بالإنكليزية لبرنامج علمي أمريكي متخصص في دراسة الغلاف الأيوني، بافتعال الزلزال.
وقد أطلقت بعض المنشورات على البرنامج اسم “سلاح هارب”.
زلزال “مفتعل”؟
تحدث الزلازل لأن الحركات البطيئة والمستقرة للصفائح “التكتونية” تتسبب في تراكم الضغوط على طول الصدوع في القشرة الأرضية، وفقا لموقع “ساينتيفيك أمريكان”.
والصدوع هي “مستويات تمتد لأميال داخل الأرض”، والاحتكاك الناتج عن الضغط الهائل بسبب وزن الصخور المغطاة يفاقم الحالة.
ويبدأ الزلزال في بقعة صغيرة على الصدع، وهنا يتغلب الضغط على الاحتكاك، ثم ينزلق الجانبان من بعضهما البعض.
ويؤدي احتكاك الجانبين ببعضهما البعض على مستوى الصدع إلى إرسال موجات من حركة الصخور في كل اتجاه.
وعندما يحدث الزلزال يطلق الطاقة في موجات تنتقل عبر القشرة الأرضية وتسبب الاهتزاز الذي نشعر به، وفقا لـ”هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية”.
ولذلك يؤكد أستاذ الجيولوجيا، عباس شراقي، استحالة “تصنيع أو تخليق الزلازل” من منظور علمي.
وفي الحالة المغربية يوجد “فالق كبير” يبدأ من مدينة أغادير مرورا بإقليم الحوز ومراكش وممتد شرقا حتى الحدود الجزائرية، ويسمى بالفالق الجنوب أطلسي.
ويتساءل مستنكرا “إذا كان الزلزال مفتعلا فكيف يكون مركزه الفالق؟!”.
ويوضح أن مركز الزلزال يقع على عمق قرابة 18.5 كيلو متر، وقوته تعادل 2 مليون طن من الديناميت، ما يؤكد “استحالة تخليق ذلك”.
عاصفة “دانيال” العاتية
في ليبيا، سقط آلاف القتلى ولا يزال أكثر من عشرة آلاف في عداد المفقودين، إثر سيول وفيضانات جلبتها عاصفة “دانيال” العاتية التي هبت من البحر المتوسط، وأدت لانهيار سدود وجرفت في طريقها بنايات ومنازل، ومحت ما يقرب من ربع مدينة درنة الساحلية الواقعة، شرق البلاد.
ونقلت تقارير إعلامية عن ناطق باسم وزارة الداخلية التابعة لحكومة شرق ليبيا، قوله إن “أكثر من 5200 شخص” قضوا في درنة وحدها.
وبالتزامن مع اجتياح العاصفة لليبيا، ظهرت أيضا بعض المنشورات التي ادعى ناشروها أنها “مصطنعة”.
عاصفة “مصطنعة”؟
لا يوجد ما يسمى بـ”العاصفة المصطنعة أو المخلقة”، ومن المستحيل علميا “القيام بذلك”، وفقا لحديث خبير الأرصاد الجوية والتغيرات المناخية، وحيد سعودي.
وهناك “تطرف مناخي”، تسبب في ارتفاع درجة حرارة البحر المتوسط، وبذلك تحولت المياه إلى “بخار ماء”، وهو ما أدى لنشوب العاصفة.
ويشير إلى أن العاصفة بدأت تتحرك فوق مسطح البحر المتوسط من اليونان نحو السواحل الشرقية لليبيا، وتحولت إلى “منخفض شبه حراري”.
وبذلك أصبح نصف العاصفة فوق مسطح البحر المتوسط والنصف الآخر فوق مسطح الصحراء الغربية، واتخذ “المنخفض شبه الحراري” مسار من الغرب إلى الشرق نحو مصر، ومن المستحيل أن يكون ذلك “من صنع البشر أو بفعل فاعل”، حسبما يوضح الخبير.
هل توجد علاقة بين الزلزال والعاصفة؟
في سياق نظريات “المؤامرة” ادعى البعض ارتباط زلزال المغرب بعاصفة دانيال، وهو ما ينفيه شراقي، قائلا “لا يمكن للزلازل التسبب في نشوب أي عواصف”.
ولا تؤثر الاهتزازات الناتجة عن الزلزال على “الكتل الهوائية” بالغلاف الجوي، حسبما يؤكد أستاذ الجيولوجيا.
ويتفق معه سعودي الذي يؤكد أن “الزلازل لا يمكن أن تتسبب في اندلاع عواصف”.
لماذا ترتبط “نظريات المؤامرة” بالكوارث؟
يشير رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة حلوان في مصر، خالد عبد الفتاح، إلى عدة أسباب لظهور “التفسيرات الغيبية ونظريات المؤامرة” بالتزامن مع الكوارث الطبيعية.
وتظهر “التفسيرات الميتافيزيقية” داخل المجتمعات نتيجة نقص المعرفة والقصور العلمي في فهم أو تفسير الظواهر الطبيعية.
وبسبب “نقص المعلومات والمعرفة” تظهر الشائعات والتوصيفات المغلوطة، وتنتشر بين بعض الناس، وعلى جانب آخر يلجأ البعض إلى “التفسيرات الغيبية” لتوضيح بعض الظواهر الكونية الكبرى التي لا يوجد لها “تفسير علمي”، حسب أستاذ علم الاجتماع.
ويشير عبد الفتاح إلى أن “نظريات المؤامرة والتفسيرات الميتافيزيقية”، تظهر وتنتشر بين بعض المجتمعات التي تعاني من “انتشار الأمية وضعف التعليم، ونقص التوعية وقصور المعرفة العلمية”.
ويوضح أن البعض “يستفاد” من رواج التفسيرات “غير العلمية” للظواهر الطبيعية، ويستخدم ذلك لتحقيق “مكاسب ومنافع خاصة” بهدف تكريس “سلطتهم ونفوذهم” على بعض البسطاء.
ويحذر أستاذ علم الاجتماع من التعاطي مع “التفسيرات غير العلمية” وتداولها وتناقلها، لكون ذلك “يكرس الجهل ونقص المعرفة” في المجتمعات، ويبعد الناس عن “الاعتماد على العلم” لتفسير الظواهر الطبيعية المختلفة.