الشرق اليوم- نجحت قمة العشرين التي عقدت في الهند، خلال اليومين الماضيين، في تجاوز التحديات والمخاطر التي كانت تهددها من جرّاء تضارب المواقف بين العديد من الدول حول قضايا دولية ذات أبعاد لها علاقة بالصراع القائم حول الحرب الأوكرانية والبيئة والتجارة والنفوذ والعقوبات، وخرجت بموقف موحد، تجاوز كل الخلافات.
هذا الإنجاز يحسب للهند التي ترأست القمة، وللقادة الذين شاركوا فيها الذين أدركوا أن العالم يحتاج الآن إلى تعاون وجهود مشتركة، لمواجهة المخاطر التي تحدق بالبشرية من جرّاء الحرب الأوكرانية والتغير المناخي والأوبئة والجوع والفقر وتسارع وتيرة التسلح، بما يهدد بحرب باردة جديدة.
من هذا المنطلق، أشار البيان المشترك إلى المعاناة الإنسانية، والآثار السلبية الإضافية للحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي وأمن الطاقة وسلاسل التوريد والاستقرار المالي والتضخم والنمو، ما أدى إلى تعقيد البيئة السياسية للدول، وخصوصاً للدول النامية والأقل نمواً.
وتحاشياً للفشل، تجاوزت القمة، في بيانها، محاولات إدانة روسيا بالنسبة للحرب الأوكرانية، باعتبار أن مجموعة العشرين “ليست منصة لحل المشاكل الجيوسياسية”، واكتفت بالإعلان عن “دعم السيادة الإقليمية” لأوكرانيا، وقال البيان “تماشياً مع ميثاق الأمم المتحدة، يجب على جميع الدول الامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها لتحقيق مكاسب جغرافية ضد سلامة الأراضي والسيادة أو الاستقلال السياسي لأية دولة”. كما أكد البيان معارضة مجموعة العشرين “استخدام الأسلحة النووية أو التهديد بها”، ودعا إلى “التنفيذ الكامل لاتفاق الحبوب، لضمان إمدادات الغذاء والأسمدة من روسيا وأوكرانيا”، وكذلك إلى إصلاح منظمة التجارة العالمية، وإلى الأهمية الحاسمة لحل النزاعات بالحوار، كما تعهدت القمة “بتسريع العمل لمكافحة تغير المناخ، وزيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030”.
إلا أن أهم ما خرجت به قمة العشرين هو الإعلان عن إطلاق “ممر اقتصادي” طموح يربط الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، تم التوقيع عليه يوم السبت الماضي في نيودلهي بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات والسعودية والاتحاد الأوروبي وفرنسا وإيطاليا. ويهدف المشروع إلى إنشاء خطوط للسكك الحديدية، وربط الموانئ البحرية، وتعزيز التبادل التجاري، وتسهيل مرور البضائع، وأيضاً تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب من أجل تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة. وكذلك تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف الضوئية البصرية.
لا شك، أن هذا المشروع الطموح، يتجاوز هدفه الاقتصادي والتجاري، فهو مشروع تاريخي يربط بين الحضارات والقارات، ويشكل دعامة للاقتصاد العالمي، وجسراً للحياة والتنمية، ويخلق فرصاً للعلاقات الإنسانية والاستثمار والعمل.
وبالتأكيد، لن يشكل هذا المشروع تحدياً أو بديلاً لمشروع “حزام واحد – طريق واحد” الصيني الذي يهدف إلى تطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية تربط أكثر من 60 بلداً؛ بل سيكون رديفاً له يعمّق الشراكة الدولية، ويعزز التعاون بين مختلف دول العالم لما فيه خير البشرية.
المصدر: الخليج