الشرق اليوم– تشهد شبه الجزيرة الكورية حالة من التوتر غير المسبوق، يمتزج فيها التهديد بالاجتياح، والمناورات العسكرية وتجارب الصواريخ، والتلويح بالأسلحة النووية، إلى حد باتت معه الحرب تبدو كأنها قاب قوسين أو أدنى.
لا يبدو أن هناك من يسعى إلى ضبط الوضع، أو التهدئة والحد من التصعيد. الكل منخرطون في الصراع وكأن المواجهة باتت حتمية على وقع الحرب في أوكرانيا والتوتر المتصاعد بين الصين والولايات المتحدة.
الولايات المتحدة تواصل العمل على تشكيل حزام سياسي وعسكري مناهض للصين وكوريا الشمالية في المنطقة من خلال الأحلاف العسكرية، والقمم الثنائية والثلاثية، والمناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية بمشاركة قاذفات استراتيجية من طراز «بي 1بي»، ونشر غواصات نووية في الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة، وإشراك سيؤول في التخطيط لمواجهة التهديدات النووية من الجارة الشمالية، فيما تواصل بيونغ يانغ تجاربها الصاروخية البالستية، وتدريبات على ضربة نووية تكتيكية تحاكي احتلال كوريا الجنوبية، وتشمل مراكز القيادة الرئيسية والمطارات العملياتية، بإشراف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الذي أعلن أيضاً أن البحرية التابعة للجيش الشعبي الكوري ستصبح جزءاً لا يتجزأ من قوة الردع النووي، وقد ردت سيؤول محذرة من «ردود ساحقة» على استفزازات بيونغ يانغ العسكرية، فيما قالت روسيا إن الولايات المتحدة تهدد السلام في آسيا وتتهم كوريا الشمالية بذلك.
يبدو المشهد كأنه رقص على حافة الهاوية في منطقة شهدت واحدة من أعنف الحروب، هي الحرب الكورية بين العامين 1950 و1953 التي استطاع خلالها الشمال احتلال الجنوب، لكنها انتهت بإعلان هدنة بينهما، وتحديد خط العرض 38 كحدود فاصلة بين الكوريتين، بعد أن خلّفت الحرب مئات آلاف القتلى والجرحى.
لكن منذ ذلك الحين ظلت الهدنة هشة، وظل الخط 38 خطاً على الورق، وفشلت كل الجهود التي بذلت لرأب الصدع بين «الشقيقين اللدودين»، شأن كل القمم التي عقدت بين البلدين، وآخرها العام 2018 بين كيم جونغ أون ونظيره الجنوبي مون جاي أون، وكذلك القمم التي عقدت بين كيم والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
مقدمات حرب كورية ثانية تبدو في الأفق، مع استلال السيف النووي والتلويح باستخدامه، وانعدام مساحة المفاوضات، ووقوف كل الأطراف على أهبة الاستعداد لليوم التالي، وكأن الحرب لا بد منها.
إذا ما قامت الحرب، هل تتدخل الولايات المتحدة؟ حسابات واشنطن دقيقة بسبب امتلاك بيونغ يانغ أسلحة نووية وقدرة على الوصول إلى الأراضي الأمريكية. والمناورات العسكرية والحديث عن ضمانات أمنية أمريكية للجنوب لا تكفي، مع عدم قدرة أي طرف على معرفة ما يدور في رأس الزعيم الشمالي.
لكن في نهاية المطاف لا بد من الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وتقديم تنازلات متبادلة لإنقاذ المنطقة والعالم من مخاطر التهور وسوء التقدير.
المصدر: الخليج