الرئيسية / مقالات رأي / سوريا على صفيح ساخن!

سوريا على صفيح ساخن!

بقلم: علي حمادة- النهار العربي
الشرق اليوم– كل من قال في الأشهر الماضية إن أزمة سوريا انتهت، وإنه حان الوقت للانتقال الى شأن آخر، أخطأ. لم تنته الحرب، ولا حروب الآخرين على ارضها، ولم تطوَ صفحة الازمة الوطنية العميقة، وبالتالي ازمة النظام. فالتحركات العسكرية المتزايدة والحشد المكثف للقوى التي تتمركز على الأرض السورية تدل بما لا يقبل الشك على ان سوريا باقية الى حين ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية. فهي محتلة من الناحية العملية من خمسة أطراف، ايران، روسيا، تركيا، اميركا وإسرائيل في الأجواء. ويبقى النظام الطرف الأضعف في المعادلة على الأرض السورية، فهو متهالك اقتصادياً، وغارق الى حد بعيد في لعبة خطرة، ألا وهي انتاج المخدرات، وتهريبها الى دول الجوار. كما ان المناطق التي يسيطر عليها لا يملك فيها الكلمة الفصل، أمام القرارين الإيراني والروسي الحاسمين. وتدل الانتفاضة في جبل العرب (محافظة السويداء) على أن الازمة الاقتصادية والمعيشية سرعان ما تأخذ أبعاداً وطنية تتعلق بمدى مقبولية الرئيس بشار الأسد بين أطياف الشعب الذي يعيش محنة ما بعدها محنة. فالشعارات التي تطلق يومياً في ساحات وبلدات محافظة السويداء لا تقتصر على الازمة المعيشية التي تسحق المواطنين، بل انها تتجاوزها الى السياسة، والموقف من النظام بشكل عام ورئيسه بشكل خاص. طبعا لا احد يمكنه التكهن بكيفية تطور الأوضاع مع مرور الأيام.

إلا أن الساحة السورية بمداها الاوسع، تشهد ارتفاعاً كبيراً في حدة التوتر بين القوى المتعايشة على الأرض. فالتحشيد الأميركي الواضح في شرق سوريا، وعند الحدود مع الأردن يشي بأن واشنطن قررت أخيراً ان تنتقل من حال الجمود الى حال التفاعل مع مقتضيات التهديدات التي تطول قواتها على الأرض. فالتحرش الروسي في الأجواء السورية دام حوالي الشهر، لكنه عاد وتراجع مع قيام الاميركيين برفع جهوزية قواتهم في سوريا والعراق، وبرفع مستوى العتاد العسكري، لا سيما نوعية الطائرات المقاتلة التي تجوب سماء سوريا. كما جرى تعزيز قاعدتي التنف عند الحدود مع الأردن، وكونوكو في دير الزور. كما حرصت واشنطن على تكثيف الحرب النفسية التي شنتها على الميلشيات الإيرانية، والإيحاء انها تعد لعملية عسكرية كبيرة لقطع “الكوريدور” الإيراني الذي يصل العراق بسوريا عبر مدينتي القائم في العراق والبوكامل في سوريا.

في الشمال تعزيز تركي للمواقع التي ترابط فيها قواتها، تزامنا مع اعلان القيادة التركية باستمرار ان فكرة الانسحاب من سوريا غير مطروحة، وبالتالي لا لزوم للتطبيع، ولا لقاء مع الرئيس بشار الأسد. بل على العكس ما نراه اليوم هي خطوات تركية متواصلة لمأسسة إدارة المناطق السورية التي ترابط فيها. في مكان آخر احتكاكات بين القوات النظامية السورية وقوى مسلحة تدعمها تركيا. وقصف روسي على مناطق الشمال السوري من دون ان يحدث ذلك أي تعديل في موازين القوى الاستراتيجية سوى التذكير بان موسكو لا تزال تلعب دوراً مركزيا في الساحة السورية.

وسط هذا المشهد لا يمر أسبوع إلا وتقوم إسرائيل بقصف مواقع، ومخازن أسلحة تابعة للميليشيات الإيرانية، ومن بينها “حزب الله”، مؤكدة ان سياسة “الحرب بين الحربين” قائمة على قدم وساق. اضف الى ذلك ان أجواء سوريا مشرعة بشكل شبه كامل امام الطيران الإسرائيلي.
ما تقدم يفيدنا ان الحرب لم تنته، والأزمة مستمرة بأشكال أخرى.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …