الشرق اليوم- هناك سباق بين الوساطات السياسية لحل الأزمة في النيجر وبين الاستعداد للحرب؛ حيث تُبدي الكثير من الدول الإفريقية مخاوفها من تداعيات خطِرة على مجمل القارة، وخصوصاً في منطقة الساحل التي تعاني أصلاً من خطر المجموعات الإرهابية والعنف والاضطرابات السياسية.
دخلت الجزائر التي لها حدود تمتد لمسافة 1000 كيلومتر مع النيجر، إضافة إلى حدود مع مالي بطول 1350 كيلومتراً، طرفاً في وساطة من خلال وزير خارجيتها أحمد العطاف، الذي زار ثلاث دول في مجموعة “إيكواس”، هي نيجيريا وبنين وغانا؛ للمساعدة في إيجاد مخرج سياسي للأزمة يجنب النيجر والمنطقة تداعيات التصعيد العسكري في حال حصوله، لأنه “سيمثل تهديداً مباشراً للجزائر، ويؤدي إلى اشتعال منطقة الساحل بأكملها”، حسب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون، الذي أعلن “رفض بلاده القاطع لأي تدخل عسكري من خارج النيجر”، وأضاف، “لن يكون هناك أي حل من دوننا.. نحن أول المعنيين”.
وفيما لا تزال نتيجة الوساطة غير واضحة، إلا أن النظام العسكري الجديد في النيجر يعمل على تجييش الشارع، وتوظيف الحشود الجماهيرية، في خطوة تستهدف إظهار شرعيته في مواجهة مطالبة مجموعة “إيكواس” بإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم، وتلوّح باستخدام القوة لإعادة “النظام الدستوري”.
ولأن مجموعة “إيكواس” تدرك خطورة الوضع، خصوصاً أن النظام الجديد في النيجر طلب دعم مالي وبوركينافاسو وغينيا كوناكري، التي أرسلت طائرات وقوات لمواجهة أي تدخل عسكري “اعتبرته بمنزلة إعلان حرب ضدها”، الأمر الذي دفع المجموعة إلى تأجيل تهديدها بالتدخل؛ لإعطاء فرصة للوساطات السياسية، “على أن يظل التدخل العسكري أحد الخيارات المطروحة”، بعدما دخلت الولايات المتحدة على الخط، وأرسلت مسؤولة كبيرة في الخارجية هي مولي فيي إلى المنطقة، في محاولة للوساطة أيضاً.
رئيس مفوضية “إيكواس” عمر إليو توراي يرى أن الأوان “لم يفتْ بعد كي يعيد الجيش في النيجر النظر في تحركه، ويصغي لصوت العقل؛ لأن زعماء المنطقة لن يتغاضوا عن أي انقلاب”. وهذا يعني أن قادة المنطقة يُساورهم القلق من أن تمتد الانقلابات العسكرية إلى دولهم، خصوصاً بعد انقلاب النيجر الأخير، وقبله انقلابات مالي وتشاد وبوركينا فاسو، التي فشلت كل محاولات ردعها، رغم التهديدات والمقاطعة التي فرضت عليها.
“إيكواس” أمام خيار صعب؛ حيث التدخل العسكري غير مضمون النتائج، وقد يهدّد بالتمدد والاتساع، كما أن الوساطات هي أيضاً قد لا تحقق النتائج بعودة النظام السابق؛ لذلك فالخيارات المتاحة تتراوح بين تمديد مهلة الإنذار، وهذا يمثل تنازلاً من “إيكواس”، لكنه يحفظ ماء وجه القادة المعنيين من خلال القول بأن الجهود الدبلوماسية حققت تقدماً بإعطاء النظام الجديد المزيد من الوقت. والخيار الآخر هو الاتفاق على جدول زمني لعودة النظام الديمقراطي، وإطلاق سراح الرئيس بازوم، وهذا الحل يعتبر حلاً وسطاً يعفي “إيكواس” من تداعيات التدخل العسكري، ويعطي النظام الجديد متنفساً جديداً.
ومع ذلك، وفي ظل احتدام الصراع بين الدول الكبرى على طول مساحة القارة السمراء، تبقى الاحتمالات الأخرى مفتوحة.
المصدر: صحيفة الخليج