بقلم: وليد عثمان- الخليج
الشرق اليوم– دون مقدمات، على الأقل بالنسبة إلى غير المراقبين والمهتمين، علا نجم تحالف أو مجموعة «بريكس» في الأيام الماضية، بدءاً بالإعلان عن القمة التي جمعت في جوهانسبرغ قادة أربع دول من أعضائها الخمسة، هي البرازيل والصين والهند وجنوب إفريقيا، إضافة إلى وزير الخارجية الروسي. وتزايد الاهتمام بقمة المجموعة في جنوب إفريقيا، مع ما أعلن عن طلب أكثر من عشرين دولة الانضمام إليها، وهو ما التقى مع رغبة قادة «بريكس» في توسيع عضويتها، الأمر الذي تجلى بدعوة ست دول للانضمام إليها منها ثلاث عربية هي الإمارات والسعودية ومصر، فضلاً عن الأرجنتين وإيران وإثيوبيا.
التجمع في جوهره اقتصادي، باعتباره يضم أسرع اقتصادات العالم نمواً، لكن تكوينه وتطور عضويته لا ينفصلان عن الغايات السياسية، ولا عن ما يعصف بالعالم من استقطاب وتوظيف للمنظمات والمؤسسات الدولية في هذا الشأن، خاصة بمعاقبة بعض الدول اقتصادياً، أو تطويق طموحات دول أخرى وشغلها بخلافات في محيطها. ولذلك شواهد حقيقية تتعلق تحديداً بروسيا منذ بداية صراعها مع أوكرانيا، والعقوبات الأمريكية الغربية على موسكو إحدى أدواته، والصين التي تتوسع اقتصادياً وسياسياً وتتحرك بثقة في خريطة العالم، وهو ما يزعج الولايات المتحدة.
ومن المعلن أن الصين هي التي تبنّت خطوة توسيع عضوية المجموعة، وربما أيدتها روسيا، في حين كانت الهند ترى في ذلك استفزازاً للولايات المتحدة، لكن المسعى الصيني انتصر بعد أن شجّع في البداية أكثر من 40 دولة على إبداء رغبة في الانضمام إلى «بريكس»، تقدمت منها ثلاث وعشرون دولة بطلبات رسمية. هذه الرغبات والطلبات لا يمكن قراءتها في ضوء السعي فقط لجني مكاسب اقتصادية يوفرها الالتحاق بالمجموعة، فالدافع السياسي حاضر، وخلاصته النزوع نحو التحرر من قبضة الهيمنة الأمريكية المترافقة مع ضغوط اقتصادية مباشرة أو عبر المنظمات والمؤسسات الدولية التي تطوق رقاب دول كثيرة حول العالم بشروطها.
وإن كانت دول مثل الصين وروسيا والبرازيل تخوض مواجهة سافرة ومباشرة مع الولايات المتحدة في هذا الاتجاه عبر مجموعة «بريكس» أو غيرها، فإن بقية الدول المدعوّة إلى الانضمام، ومنها الإمارات، أو الساعية إليه، تتحرك بقناعات أخرى، أهمها توسيع الشراكات الدولية، وتنويع اتجاهات التعاون على امتداد خريطة العالم بغير استثناء أو استعداء، بما يضمن استقرارها ويحفظ مصالحها الوطنية. والخطى الإماراتية المبنية على هذه القناعات ثابتة، ولها تجلياتها المتواصلة منذ سنوات، ولعل شراكاتها المتعددة والمتنوعة مما سيفيد المجموعة.
سياسياً، وبالطبع اقتصادياً، يلفت في تشكيل المجموعة الجديد وجود ثلاث دول إفريقية فيه، فبعد جنوب إفريقيا، تلتحق مصر وإثيوبيا بالركب. ولا يمكن فصل ذلك عن التفاعلات الجارية في القارة السمراء، وتبدل القوى الدولية الحاضرة في تعاريجها بخروج دول طال وجودها فيها، وتعزيز مواقع غيرها، وتحديداً الصين التي تؤسس لحضور اقتصادي منذ عقود، وروسيا.