الرئيسية / مقالات رأي / حرب المسيّرات الأوكرانية

حرب المسيّرات الأوكرانية

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- المتتبع لتطورات الحرب في أوكرانيا يمكنه ملاحظة تكثيف استخدام “المسيّرات” أو الطائرات بدون طيار، خصوصاً من جانب كييف، خلال الأسابيع الأخيرة، في مسعى بات من الواضح أنه يستهدف التغطية على فشل هجومها المضاد الذي بدأ في أوائل يونيو/ حزيران الماضي.

بعيداً عن الجوانب التقنية ونوعية “المسيّرات” المستخدمة، والتوصيفات العسكرية لتلك المسيّرات التي تسمى بالدوارة أو ذات الجناح الثابت أو الانتحارية، ولكل منها استخدامه الخاص سواء في الرصد والاستطلاع وجمع المعلومات أو في توجيه الضربات المباشرة، وبعضها يستطيع التحليق لمدة 12 ساعة متواصلة، إلا أن استخدامها على هذا النحو المكثف لا يحسم المعركة على الأرض بقدر ما يساعد على حفظ ماء الوجه للجانب الأوكراني وفي عدم خروجه نهائياً من ساحة الصراع.

ومما لا شك فيه أن استخدام هذه “المسيّرات” يلحق بعض الأذى بموسكو، خصوصاً مع استهداف العمق الروسي أو بعض المناطق الحيوية في القرم، لكنه يكلف الجانب الأوكراني أثماناً باهظة عبر ضربات روسية مركزة، بالمقابل، تلحق دماراً هائلاً بالمنشآت الحيوية والبنية التحتية الأوكرانية، فضلاً عن امتلاك روسيا لمسيّرات مماثلة قد تكون أشد خطراً من تلك التي يمتلكها الجانب الأوكراني. الأمر الذي بات واضحاً للجميع هو فارق القوة الكبير لدى القوات الروسية على أرض المعركة، من حيث نوعية السلاح المستخدم والتفوق في السيطرة الجوية، والضربات التدميرية المباغتة، وقد أصبح مشهد الآليات الغربية المحترقة في أرض المعركة مألوفاً للجميع، وهي أحدث ما في ترسانة الغرب من مختلف صنوف الأسلحة التي تم تقديمها لأوكرانيا. وبالتالي فإن لجوء كييف إلى تكثيف استخدام الطائرات المسيّرة، لم يأت من فراغ، إذ إنها تسعى إلى التعويض عن التفوق الجوي الروسي، من جهة، وإلى تخفيف كلفة الحرب عن كاهل الغرب، الذي بدأت مخازنه تنضب، وباتت كييف تخشى من توقف استمرارية الدعم الغربي لها بالسلاح والذخيرة في أي وقت. حتى إن الغرب نفسه لم يعد لديه مانع من تقليص كلفة الحرب، رغم إعلانه عن استعداده لتزويد كييف بأحدث ما لديه من الطائرات المسيّرة، على غرار ألمانيا التي تعهدت بتزويد كييف بمسيّرات “لونا” التي تعتبر بين الأحدث في العالم.

ومع ذلك فإن كييف لم تعد تأمن عدم انقطاع تزويدها بالمسيّرات الغربية، وبالتالي فقد بدأت في توطين صناعة هذه المسيّرات وكلفت عشرات الشركات الأوكرانية بإنتاجها، خصوصاً وأن كلفتها قليلة، ويمكنها التعويل عليها في تغيير دفة مسار الحرب، وفق اعتقادها، وهي في نفس الوقت تقدم مخرجاً مريحاً للغرب بشأن فاتورة الحرب المرهقة، والتي باتت تنعكس على اقتصاد تلك البلدان وتواجه بالكثير من الانتقادات والاعتراضات الداخلية. لكن ما لم تحسبه كييف وعواصم الغرب عموما بدقة، هو أن الإمعان في الضغط على أوكرانيا في مواصلة هذه الحرب بالوكالة وتجاهل التحذيرات الروسية المتعددة، يقرب كثيراً احتمالات الحرب الشاملة، الأمر الذي قد يدفع الغرب، في نهاية المطاف، إلى التضحية بأوكرانيا وتقديمها “كبش فداء” ثمناً للحفاظ على رأسه قبل فوات الأوان.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …