بقلم: غدير محمد أسيري- القبس
الشرق اليوم– بعد التصريح الأخير من أحد المسؤولين في الدولة بأن رؤية الكويت 2035 لم ينفذ منها شيء، خصوصاً بعد 6 سنوات من انطلاقها (عام 2017)، وبعد الخطط والإستراتيجيات التي كُتِبت في اللجان، والتي عُقِدت للإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري، وبعد صرف الكثير من الأموال على الهيكلة أو وضع الخطط، والهدر المالي في هذه الاجتماعات من خلال عطايا للمسؤولين أو المختصين من دون الوصول إلى أي نتائج، أو تنفيذ لما هو مُخطط ومكتوب على الورق، نجد أن ذلك يُصّنف عالمياً بالاستنزاف لأموال الدولة من قبل العديد من الإدارات، التي تُشكّل للمجاملات السياسية والترضيات.
فخطة الإصلاح الاقتصادي لم تقتصر على رؤية الكويت 2035، بل بدأت باستراتيجيات مسبقة، فلو تدرجنا واستذكرنا الإصلاح الاقتصادي للبلد، والخطط الاقتصادية التي توقّفت ولم تنفذ من دون رقابة أو محاسبة لعدم التنفيذ، والتي تنتهي بإعفاء المسؤول من المنصب فقط، لوجدنا العديد من اللجان التي بدأت ولم تر النور في التنفيذ الواقعي، فلجنة إصلاح المسار الاقتصادي في الكويت بدأت عام 2001، وخطة الكويت لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري 2006 أيضاً لم تجد التنفيذ الفعلي لما هو مخطط له من أهداف، إضافة إلى تقرير طوني بلير 2008، وتقرير ماكينزي 2012 اللذين طرحا، وأنفقت عليهما الدولة الكثير من الأموال من دون واقعية قابلة للتطبيق تتماشى مع خطط التنمية، التي أغلب بنودها لم تطبق ولم تر النور، كما ذكر المسؤول الحكومي في الدولة.
وبعد طرح وثيقة الإصلاح الاقتصادي والمالي عام 2016، نجد تراجعاً في التنفيذ، وذلك يرجع إلى عوامل عدة، منها عدم الاستقرار السياسي والتشكيلات الوزارية غير المستقرة في الآونة الأخيرة، فوجود وزراء متعاقبين مختلفين بالمنهج والرؤى يؤثر سلباً في التنفيذ والواقعية في التطبيق، وأيضاً الخطط التي لا تتوافق مع الظروف الحالية في البلد، ولا تنطبق مع عقلية بعض المشرعين الوقتية، وطبيعة الجو السياسي المشحون غير المستقر لا تجعل الخطط قابلة للتطبيق.
كذلك من أهم صعوبات تطبيق الخطط في الكويت تشابك الاختصاصات والآليات في التطبيق، وعدم قدرة الوزارات على التطبيق لأن الخطط قد تكون أكبر من طاقتها الواقعية. أيضاً من أهم التوصيات التي ذكرت في التقارير إصلاح التعليم والصحة والسياحة، فهي لم تعد بالنسبة للسلطة التنفيذية من الأولويات في الوقت الراهن وسط التشابك بين السلطات.
وقد ذكر طوني بلير في مقدمة التقرير المقدم، بعد دراسته للوضع الراهن، «أن الكويت اليوم بحاجة إلى أن تتخذ قراراً جوهرياً بشأن مستقبلها»، وأيضاً ذكر «أن النظام السياسي مشلول بسبب الطريق المسدود الذي تشهده دوماً العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة».
فالكويت تحتاج إلى تغيير في الآلية بشكل جذري، والتغيير في عقلية المشرّع الذي يضع القوانين، والحكومة التي يجب أن تواكب التقدم العالمي والعولمة التجارية، والجرأة التي يجب أن تتبناها لتخلق التغيير الإيجابي، الذي ينقل الكويت إلى واقع قابل للتطبيق، كبعض الدول المحيطة التي أصبحت تشهد التحدي، وفعلاً انتقلت بالعديد من المؤشرات إلى المقدمة العالمية في الترتيبات الواقعية والخطط القابلة للتطبيق، وأيضاً نقلت شعوبها من مؤشرات التراجع الى النهضة والتقدم والصدارة العالمية، لتعيد ثقة المواطنين بها في التطبيق، وليس فقط رسم السياسات الورقية.