الشرق اليوم- شهد البحر الأسود توترات متصاعدة، خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن أطلق الجيش الروسي طلقات تحذيرية باتجاه سفينة شحن كانت متوجهة إلى ميناء إسماعيل الأوكراني، ما أثار حالة جديدة من “عدم اليقين” بشأن أنشطة الملاحة.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، أن سفينتها “فاسيلي بيكوف” التي تقوم بدوريات أطلقت النيران على الناقلة “سوكرو أوكان” التي ترفع علم جزيرة بالاو، نظرا لعدم استجابة قائدها لطلب التوقف من أجل إجراء عملية تفتيش.
وأوضح البيان أن مروحية تقل عسكريين روس سارعت بعد ذلك لتفتيش السفينة، وبعد استكمال العملية سُمح للسفينة، بمواصلة رحلتها.
ومباشرة بعد هذه الحادثة التي تمثل بحسب الصحيفة أول “تهديد روسي حقيقي” لمحاصرة النشاط الملاحي من وإلى أوكرانيا، تكدست السفن التجارية، الاثنين، في ممرات الملاحة بالبحر الأسود.
وتسعى الموانئ جاهدة لإنهاء الأعمال والمهام المتراكمة، وفقا لرويترز التي أشارت إلى “شعور متزايد بالقلق” من جانب الشركات العاملة في مجالي التأمين والشحن
ولفتت صحيفة “نيويورك تايمز”، إلى أن تداعيات اقتحام الجنود الروس للسفينة على تدفق الحبوب عن طريق البحر من أوكرانيا تبقى “غير واضحة” لحدود اللحظة، نقلت عن بعض المحللين والمديرين التنفيذيين في مجال الشحن البحري، نفيهم أن يكون للتصعيد الروسي أي تأثيرات كبيرة على النشاط التجاري الذي تقيده روسيا بالفعل في المنطقة.
وبالمقابل، الخطوة الروسية تعكس التوترات المتصاعدة في البحر الأسود، والتي حذر محللون غربيون من أنها قد تتصاعد إلى أعمال عنف تشمل دولا غير متورطة بشكل مباشر في الحرب الدائرة حاليا.
وأثار تحذير موسكو، الشهر الماضي، من أن أي سفينة تتجه إلى الموانئ الأوكرانية أو تغادرها ستُعتبر هدفا محتملا، ورد كييف بأنها ستتعامل بالمثل مع السفن الروسية، تصعيدا غير مسبوق بالمنطقة.
وازداد منذ ذلك الحين عدد الهجمات في البحر الأسود من الجانبين واستهدف الجيش الروسي مرارا ميناء أوديسا الكبير جنوب أوكرانيا، وأيضا مرفأي إسماعيل وريني في هجمات نددت بها كييف، ورأت فيها وسيلة لإعاقة صادراتها.
ومع إغلاق الموانئ الرئيسية في أوكرانيا، اقتصر شحن كييف لصادراتها على نهر الدانوب عبر سفن وموانئ أصغر بكثير، والتي تعرضت أيضا للهجوم.
قال أندري سيزوف، رئيس شركة سوف إيكون، وهي شركة استشارية لأسواق الحبوب في البحر الأسود، إن تفتيش الجيش الروسي لسفينة “سوكرو أوكان”، سيساهم في إثارة المخاوف بشأن جدوى هذه الطريق.
وأضاف: أن العملية “كانت مجرد تذكير آخر بأن هناك حربا تدور في تلك المنطقة”.
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان الاثنين، “ندعو المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حاسمة لمنع إجراءات موسكو التي تعرقل المرور السلمي للسفن عبر البحر الأسود”.
وقالت روسيا: إن من حقوقها القانونية إيقاف السفينة وتفتيشها.
وأصبحت معظم السفن المتجهة إلى أوكرانيا أو منها، تتجنب المياه الساحلية الأوكرانية بشكل عام، وبدلا من ذلك تبحر عبر فرع نهر الدانوب وصولا إلى رومانيا.
من جهتها، تخلت بعض شركات الشحن الكبرى عن تجارة الحبوب في البحر الأسود، بعد أن فرضت روسيا حصارها في 17 يوليو، لأن المخاطر كانت كبيرة جدا، في مقابل انخفاض المكافآت، أو لكون سفنهم كبيرة جدا بالنسبة لحركة الملاحة النهرية.
وقال مسؤول تنفيذي في شركة تدير سفينة تنتظر تحميل الحبوب في ريني، ميناء على نهر الدانوب بأوكرانيا إن الشركات التي لديها “سفن جديدة” من غير المرجح أن تتحمل المخاطر، خاصة بالنظر إلى احتمالية وقوع وفيات.
وأضاف المسؤول التنفيذي أن بعض الشركات ستعيد التفكير، والبحث في مسارات جديدة بالمنطقة بعد الهجوم الأخير، لافتا إلى استمرار انخفاض “التأمين على الشحن على الرغم من ارتفاع مخاطره”.
وقالت مصادر عاملة في مجال التأمين لرويترز إن أسعار أقساط التأمين الإضافية ضد مخاطر الحروب ظلت دون تغيير، لكنها قد تزيد في حالة وقوع ضرر لإحدى السفن أو في حالة غرق سفينة.
وتُقدر تكلفة أقساط التأمين على السفن ضد مخاطر الحروب في البحر الأسود بعشرات الآلاف من الدولارات للسفينة الواحدة في الرحلة. ويتعين تجديد أقساط التأمين كل سبعة أيام تقريبا إلى جانب نفقات التأمين السنوية.
في سياق متصل، أظهرت بيانات من وزارة الزراعة الأوكرانية، الاثنين، أن إجمالي صادرات الحبوب من البلد بلغ 3.12 مليون طن منذ بداية موسم 2023-2024، الذي بدأ في يوليو وينتهي في يونيو المقبل.
ولم تقدم الوزارة أرقاما عن الفترة نفسها من العام السابق، لكنها قالت إن الشحنات بلغت 2.65 مليون طن حتى 15 أغسطس 2022.
وتأثرت الصادرات الأوكرانية منذ انسحاب روسيا الشهر الماضي من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الذي دعمته الأمم المتحدة، لكن بيانات الوزارة لم تكشف عن تفاصيل الصادرات منذ انهيار الاتفاق.
وقالت الوزارة إن أوكرانيا صدرت 848 ألف طن من الحبوب منذ بداية أغسطس.
وتقول موسكو إنها لن تنضم مجددا إلى اتفاق الحبوب إلا إذا حصلت على شروط أفضل تتعلق بصادراتها من الغذاء والأسمدة.
ويقول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، راعي الاتفاق المشارك إلى جانب الأمم المتحدة، إنه يأمل في إقناع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالعودة إليه خلال محادثات هذا الشهر.
المصدر: الحرة