بقلم: طارق فهمي- الاتحاد
الشرق اليوم– مع تتالي حدوث تغييرات في أنظمة الحكم بمنطقة غرب أفريقيا، ومناطق التماس في منطقة «الساحل والصحراء» تثار تساؤلات متعلقة بمصالح الدول الكبري خاصة فرنسا والولايات المتحدة والنفوذ الروسي.
وفي وسط هذه المصالح الدولية متعددة التوجهات يأتي الدور الإسرائيلي الذي أعاد ترتيب أوراقه وحساباته في بعض هذه الدول، ومناطق حضورها حيث أعاد علاقاته بتشاد كدولة جوار لهذه المنطقة منذ سنوات استثمارا لحركة نشطة لإسرائيل في هذه المنطقة، وبحثاً عن مصالحها في «الساحل والصحراء» وصولاً إلى شرق أفريقيا، ومرورا بمناطق الغرب والوسط، واعتمادا على استراتيجية تقوم على تقديم المساعدات، وإيجاد حضور سياسي واستراتيجي محسوب لدول الغرب التي تصل إلى 16 دولة، وتنضوي في إطار مجموعة «الايكواس»، والتي سجلت حضورا فورياً في أحداث النيجر مؤخراً، ما يشير إلى أن تحرك المجموعة لن يقتصر على إيجاد حل لمواجهة تصاعد الموقف في النيجر، وإنما أيضاً العمل على إيجاد استراتيجية متماسكة فيما يجري، خاصة أن إسرائيل شاركت من قبل في فعالياتها، وهو ما برز في حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في بعض فعالياتها المتخصصة.
ويبدو أن هناك تركيزاً على إقامة علاقات مباشرة مع دول المجموعة في ظل تباين في إطار علاقات كل دولة على حدة مع إسرائيل، مع التركيز على البعد التنموي لصالح هذه الدول، والاستفادة من مواردها الاقتصادية، وملاحقة مصادر الإرهاب، ومنابعه للجماعات الإرهابية التي تتحرك في مساحات كبيرة في هذه المنطقة، وتسعي لهز الاستقرار في غرب أفريقيا بأكمله، وهو ما دفع أجهزة إسرائيل الأمنية للتحرك، ومحاولة التعامل وفقا لإستراتيجية استباقية في المقام الأول، مع استمرار التحرك الدبلوماسي لتهميش التأييد لدول غرب أفريقيا للقضية الفلسطينية خاصة، والقضايا العربية على وجه الخصوص. بعض دول الغرب الأفريقي مثل السنغال ونيجيريا لها مواقف مدافعة عن الحق الفلسطيني، وهو ما دفع بإسرائيل للتعامل، ومحاولة تحجيم تمدد هذا الدعم في الأمم المتحدة.
تضع إسرائيل في تقديراتها متابعة نشاط بعض التنظيمات المناوئة وفق حساباتها مثل «حزب الله»، والذي يتحرك من خلال أذرعه في منطقة غرب أفريقيا، كما طورت منظومة التعاون التجاري، وهو الأهم لإسرائيل خاصة مع توصيات أجهزة المعلومات الإسرائيلية بضرورة العمل وفق مقاربة مقيمة، وربط مؤسسات التعاون التجاري والزراعي بين دول غرب أفريقيا وإسرائيل، ولهذا وفرت الدعم المالي، والذي وصل لعدة مليارات في العامين الأخيرين لتطوير مشروعات الطاقة المتجددة وريادة الأعمال والابتكار والنقل اللوجستي…
لم يعتمد الحضور الإسرائيلي في غرب أفريقيا، وتحركاتها على الأدوات الدبلوماسية فقط بل اعتمد على وسائل متجددة تعمل عليها إسرائيل. فرسميا لا توجد علاقات دبلوماسية مع النيجر، وهناك تجميد في مستويات العلاقات، وبرغم ذلك لا توجد أية قيود في تنقل المواطنين من البلدين، والرسالة مفهومة خاصة وبالرغم أن النيجر كانت أول دولة تقطع علاقاتها مع إسرائيل منذ بدء الانتفاضة عام 2002 إلا أن انتخاب الرئيس محمد بازوم دفع الحكومة الإسرائيلية للتحرك، والعمل على استعادة العلاقات مرة أخرى وجرت اتصالات، ولقاءات قادها وقتها وزير المخابرات الإسرائيلي (وزير الخارجية الحالي) ايلي كوهين بل وجرت اتصالات غير مباشرة شاركت فيها الولايات المتحدة بهدف استنئاف العلاقات على أسس قاعدة جديدة، ما يؤكد على أهمية منطقة غرب أفريقيا، والنيجر في المنظور الإسرائيلي، وقد دعا وزير الخارجية الأميركي بلينكين إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل خلال زيارته الأخيرة للنيجر، بل اقترح وزير الخارجية الإسرائيلي ايلي كوهين لمشاركة النيجر في اجتماعات النقب، والمعني أن إسرائيل على مقربة من كل التطورات الحادثة في منطقة غرب أفريقيا بما في ذلك التطورات الراهنة في النيجر، والتي لن تحسم بسهولة بصرف النظر عما يطرح من خيارات للتعامل.
في المجمل فإن إسرائيل ستستمر حاضرة في التطورات الجارية في غرب أفريقيا انطلاقاً من مخطط موضوع واستثمار ما يجري، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة دفاعاً عن مصالحها مع العمل على استراتيجية متنوعة تركز على إعادة بناء شبكة علاقاتها الدبلوماسية، واستثمار حالة الفراغ التي ستحدث في النيجر للوجود الفرنسي، والترقب الأميركي اللافت لما يجري.
الوسوماسرائيل الشرق اليوم النيجر مقال رأي
شاهد أيضاً
حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي
العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …