الرئيسية / مقالات رأي / بايدن يجازف مجدداً بتأجيج التوتر مع الصين

بايدن يجازف مجدداً بتأجيج التوتر مع الصين

بقلم: أسعد عبود- النهار العربي
الشرق اليوم– أظهرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في الأشهر الأخيرة ميلاً إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الصين وتجاوز التوترات التي اعترت العلاقات في السنوات الأخيرة. لكن فرض واشنطن الأربعاء الماضي حظراً على الاستثمارات الخارجية للشركات الأميركية في مجالات التكنولوجيا المتقدّمة، خصوصاً الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، يهدّد بعودة جديدة للتوتر.

في الشهرين الأخيرين، زار بكين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين ووزير الخارجية سابقاً الديبلوماسي المخضرم هنري كيسنجر، الذي كان أول من مهّد الطريق إلى التطبيع مع الصين بزيارته السرّية عام 1971. والزيارات المذكورة، كانت الغاية منها إرساء الأسس لقمّة بين جو بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ على هامش قمّة مجموعة العشرين في الهند الشهر المقبل.

بيد أنّ مصير القمّة الأميركية- الصينية بات الآن مجهولاً بعد العقوبات “الذكية” التي فرضتها إدارة بايدن على بكين. وتجدر الإشارة إلى أنّ الكونغرس بحزبيه، يضغط على الرئيس من أجل فرض المزيد والمزيد من العقوبات على الصين، في سياق التنافس بين أكبر اقتصادين في العالم.

وإدارة بايدن ليست بعيدة من أهداف الكونغرس، إذ سعت منذ اليوم الأول لتسلّمها منصبها، إلى سلوك سياسة ترمي إلى احتواء الصعود الصيني، باعتبار بكين هي التحدّي الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة، اقتصادياً وعسكرياً. وتكرّس الديبلوماسية الأميركية الكثير من جهودها لنسج تحالفات وشراكات مع دول المحيطين الهادئ والهندي، وعززت وجودها العسكري في منطقة تعج بالتوترات بسبب النزاعات على أحقية تملّك الجزر في بحر الصين الجنوبي.

ومن تايوان، اليابان وكوريا الجنوبية، إلى الهند وأستراليا والفيليبين ودول صغرى مثل ميكرونيزيا وجزر سليمان، تضع الولايات المتحدة نصب عينيها، التعامل مع التحدّي الصيني. وتزور حاملات الطائرات الأميركية على نحوٍ دوري موانئ الدول الإقليمية، ويتطلّع بايدن إلى زيارة فيتنام “قريباً” من أجل التأسيس لشراكة مع هانوي الخصم السابق للولايات المتحدة.

وبعد نشوب الحرب الأوكرانية، صار الهمّ الأميركي منصّباً على كيفية ردع الصين عن مهاجمة تايوان وضمّها بالقوة. ولذلك زادت إدارة بايدن من مساعداتها العسكرية لتايبه، بينما أعلن الرئيس الأميركي صراحة أنّ بلاده ستقف إلى جانب الجزيرة إذا ما تعرّضت لأي هجوم صيني على غرار ما تعرّضت له أوكرانيا.

وكانت هذه السياسة الأميركية سبباً في تأجيج التوتر مع بكين، التي تحذّر واشنطن من تشجيع تايوان على الاستقلال، لأنّ ذلك سيكون بمثابة إعلان حرب. ولا تزال ذيول زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي لتايبه، مستمرة حتى الآن، لاسيما في عرض عضلات عسكري حول الجزيرة وفي مضيق تايوان.

وفي المقابل، يظلّ احتمال أن تعمد الصين إلى تقديم مساعدات عسكرية لروسيا في حربها ضدّ أوكرانيا، هاجساً أميركياً، في الوقت الذي لا تخفي واشنطن امتعاضها من تطوير العلاقات الاقتصادية بين بكين وموسكو.

وترى إدارة بايدن في توسيع العلاقات التجارية الصينية- الروسية، عاملاً مزعزعاً لنظام العقوبات على موسكو. وتنظر هذه الإدارة باستياء بالغ إلى المناورات العسكرية المشتركة الصينية- الروسية، جواً وبحراً، في المحيط الهادئ.

وترى بكين في تعزيز العلاقات مع موسكو، وسيلةً للردّ على التعزيزات الأميركية في المنطقة وعلى المناورات المشتركة التي تجريها القوات الأميركية دورياً مع اليابان والفيليبين وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول الإقليمية.

ويأتي الحظر على الشركات الأميركية من الاستثمار في الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، ليضيف عاملاً آخر على عوامل التوتر بين الصين والولايات المتحدة. ومثل هذه الخطوة ستزيد حدّة الصراع الدولي وتغذّي الإستقطاب من المحيطين الهادئ والهندي إلى مناطق أخرى في العالم. وما يجري من نزاع على إفريقيا والشرق الأوسط هو مثال ساطع على ذلك.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …