بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم– لم يحدث في التاريخ الأمريكي أن رئيساً سابقاً، ومرشحاً رئاسياً للانتخابات المقبلة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تمت محاصرته بمثل هذا الكم من الدعاوى والمحاكمات، وفي نفس الوقت يواصل حملته الانتخابية، كما هي حال دونالد ترامب، من دون التفكير بالانسحاب حتى في حال إدانته؛ لعدم وجود ما يمنع ذلك في الدستور الأمريكي.
يواجه ترامب تهماً في ثلاث قضايا جنائية، بينها قضية شراء صمت ممثلة إباحية بدفع أموال لها قبل انتخابات 2016، كما أن هناك قضية الوثائق السرية، والاحتفاظ بها بعد مغادرته البيت الأبيض، وبعضها يتعلق بقضايا بالغة الحساسية بالنسبة للأمن القومي الأمريكي، ولم يعدها للأرشيف الوطني أسوة بالرؤساء الأمريكيين السابقين. وقد تكون القضية الأكثر خطورة والتي رفعها ضده مستشاره الخاص السابق جاك سميث بعد أن انقلب عليه، والتي هي تهمة التآمر لقلب نتائج الانتخابات في عام 2020. وسيتم تحديد موعد للمحاكمة التي ستجري في واشنطن، في جلسة 28 أغسطس/آب أمام القاضية الأمريكية تانيا تشاتكان. وهذه القاضية التي يطالب ترامب بتغييرها، بذريعة أنه لن يحظى بمحاكمة عادلة بوجودها، تم تعيينها عشوائياً للنظر في القضية، لكنها معروفة بإصدارها عقوبات شديدة على مؤيدين لترامب، شاركوا في الهجوم على مبنى الكابيتول. على أي حال، لا يكتفي ترامب بالمطالبة بتنحية القاضية؛ بل يطالب بنقل مكان المحاكمة إلى خارج واشنطن، كما يتهم محامي الحكومة بمحاولة فرض قيود على حقه في حرية التعبير.
وسط كل هذه القضايا الشائكة، والمحاكمات المنتظرة، يواصل ترامب حملته الانتخابية، ويحقق تقدماً على كل منافسيه؛ إذ مع كل جلسة في المحكمة تزداد شعبيته، بعد أن نجح في تقديم نفسه بصورة «الضحية»، وأنه يتعرض للانتقام والاضطهاد السياسي على يد الإدارة الديمقراطية، وبالتالي فقد نجح حتى الآن في توظيف هذه المحاكمات، لكسب المزيد من المؤيدين. ففي آخر استطلاعات الرأي، ظهر ترامب متقدماً على كل منافسيه الجمهوريين بفارق شاسع، يصل إلى 37 نقطة عن أقرب منافسيه، وهو حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس؛ إذ حصل ترامب على 54% مقابل 17% لديسانتيس، و3% لنائبه السابق مايك بنس، و3% للمندوبة السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، وحصل بقية المنافسين على أقل من ذلك. كما ظهر في استطلاع آخر للرأي، تعادله مع منافسه الديمقراطي المحتمل جو بايدن فيما لو جرت الانتخابات الآن، ما أثار مخاوف لدى الديمقراطيين، ودعوات لتوخي الحذر، وعدم الاسترخاء والركون إلى التهم والمحاكمات التي يخضع لها ترامب. صحيح أن القضايا والمحاكمات التي تحاصر ترامب تكلفه الكثير من الجهد والوقت والمال، إلا أن بإمكانه الاستفادة منها وتوظيفها لمصلحة حملته الانتخابية. وإذا كان من المبكر الحديث أو الجزم بوصول أحدهما إلى البيت الأبيض، فإن من الضروري القول إن هناك معركة شرسة تنتظرهما، على الأرجح، خلال الأشهر المقبلة وفي ضوء نتائجها سيتحدد من هو الفائز والخاسر في هذه الانتخابات الفريدة من نوعها في التاريخ الأمريكي.