الرئيسية / الرئيسية / الجدل حول “أم قصر” حقيقة أم تسويق سياسي

الجدل حول “أم قصر” حقيقة أم تسويق سياسي

الشرق اليوم- أثارت تصريحات وزير الخارجية الكويتي سالم عبدالله الجابر الصباح، خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد نهاية الشهر الماضي، بشأن تسلم بلاده منازل في منطقة أم قصر جنوب محافظة البصرة، الكثير من الجدل السياسي والشعبي في العراق.

وبعد الزيارة وجّهت بغداد بإبعاد الأسر والعائلات من ناحية أم القصر الموازية للحدود العراقية – الكويتية، وإسكانهم في مجمع سكني جديد خصص لهم بعيداً من الخط الحدودي، وهذا ما عدّه الشعب العراقي تنازلات حكومية إلى الكويت في ملف ترسيم الحدود وتخلى عن المدينة.

وردا على هذا الجدل أصدرت وزارة الخارجية العراقية بياناً صحافياً بتاريخ 2 أغسطس الماضي أكدت فيه أن الحكومة ملتزمة بقرار مجلس الأمن الدولي الخاص بترسيم الحدود مع الدولة الجارة، ونفت التفريط في سيادة العراق البرية أو البحرية، لا سيما في ما يتعلق بمدينة أم قصر، وأوضحت أن “الترسيم الحدودي البري مع الجانب الكويتي جاء وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 833، وأن الحكومة تبدي التزامها التام في شأنه وإيفاءها بالالتزامات الدولية ذات الصلة”.

التسويق السياسي للأزمة

لاقت قضية أم قصر تسويقا سياسيا من قبل نواب في البرلمان العراقي، فقد ذكر النائب عن محافظة البصرة عامر عبد الجبار: ” أن هناك وثائق رسمية تؤكد وجود تنازل بالحقوق العراقية لصالح الكويت، ومنها أم قصر، وهذا ما لم نقبل به”، مشيرا إلى أنه تم جمع تواقيع من نواب من كتل مختلفة بهدف إصدار قرار برلماني ملزم يصوت عليه البرلمان، يمنع أي تنازل عن الحقوق العراقية لصالح الكويت.

وتابع الجابر: “صمت الحكومة مستغرب إزاء الملف، رغم أنني أبلغت وزير الخارجية العراقي به، وقدمت له وثائق رسمية تؤكد تلك التجاوزات، وكشفت له كيف تنازل العراق عن أراضيه للكويت، لكنه بصراحة لم يتخذ أي إجراء، وهذا ما يدفعنا إلى اتخاذ إجراءات برلمانية بحق الوزير خلال الفترة المقبلة”.

في حين صرّح النائب عن “ائتلاف دولة القانون”، محمد الصيهود، بأن هناك من يعمل على هذا الترويج بهدف النيل من الحكومة واستهدافها سياسياً، فإنه لا يمكن القبول ببيع أو إعطاء أي شبر من الأراضي إلى أي من دول الجوار، سواء كانت الكويت أو غيرها.

ونفى الصهيود اتهامات “التنازل” عن أراضٍ عراقية، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني حريص جداً على سيادة العراق وحفظ الأراضي العراقية من أي تجاوزات من أي طرف إقليمي أو دولي، وما يروج عن سماح الحكومة ببيع أو إعطاء تلك الأراضي غير صحيح، وهو استهداف سياسي، وتسقيط مع قرب الانتخابات، وهذا الأمر ليس بجديد.

وأكد محافظ البصرة أسعد العيداني، أن قضية ميناء أم قصر، وترسيم الحدود، سُوقت سياسياً، مبيناً أن العراق والكويت اتفقا في 2013 على بناء منازل خاصة للعوائل العراقية الساكنة على الحدود، ومحافظة البصرة جهزت المنازل المتاخمة للحدود العراقية الكويتية بالماء والكهرباء.

وأوضح العيداني أن الكويت شيّدت 99 منزلاً على أراضٍ عراقية، وستوزع للعوائل التي تسكن على الحدود، وتم تكليفي من قبل رئيس الوزراء بتوزيع المساكن على العوائل العراقية الساكنة على الحدود، وفقا للقانون، كما أنها كلها استلمت المنازل ولم تسكنها حتى الآن.

ما هي أم قصر؟

هي مدينة عراقية تقع في أقصى جنوب العراق ضمن محافظة البصرة وتضم المدينة ميناء أم قصر، الذي يعد أحد المنافذ الحيوية لاستيراد المواد الغذائية والأدوية للبلاد. وازدادت أهمية ميناء أم قصر في حرب الخليج الأولى _حرب العراق مع إيران، حيث منعت العراق من استخدام موانئه الأخرى القريبة من أجواء المعارك، ولكن في حرب الخليج الثانية تعرضت أم قصر إلى قصف شديد مما أدى إلى شل الحركة فيها وبني في وسط المدينة الصغيرة سياج يفصل بين العراق والكويت وفقد العراق بذلك سيطرته على مدخل الميناء الذي كان تحت سيطرة الكويت.

وحددت الأمم المتحدة، في العام 1993، الحدود البحرية والبرية بين البلدين، إثر احتلال العراق للكويت، وفي غزو العراق 2003م كانت أم قصر من أوائل المناطق التي شهدت هجوما عليها من قبل قوات التحالف حيث تم السيطرة عليها من قبل القوات البحرية البريطانية بعد قتال شرس مع الجيش العراقي في معركة أم قصر دام عدة أيام.

وتُعدّ الحدود الكويتية العراقية منطقة أمنية مخترقة بعد عام 2003، حيث تنتشر عمليات تهريب الأفراد، وقطع السلاح، والمخدرات.

قرار ترسيم الحدود

يشار إلى أن ملف الحدود العراقية الكويتية تحول منذ 2003 ولغاية الآن إلى ملف ابتزاز سياسي، من خلال بث إشاعات واتهامات مختلفة للتشهير والإساءة لكل الحكومات السابقة، بحجة أن هذه الحكومات فرطت بالحدود العراقية الكويتية، في حين أن الحدود رسمت في عام 1994، حيث عقد اجتماعان لمؤسسات النظام السابق آنذاك، الأول هو اجتماع المجلس الوطني السابق وأصدر قرارا بالامتثال لقرار الأمم المتحدة رقم 833 لسنة 1993 واعتراف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت، كما صدر في نفس الوقت قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 200 والذي اعترف به مجلس قيادة الثورة بناء على القرار الصادر من المجلس الوطني بالحدود العراقية الكويتية، وهناك 4 فقرات في قرار مجلس قيادة الثورة رقم 200 الصادر في 10 تشرين الثاني 1994 الفقرات التالية:

  1. تعترف جمهورية العراق بسيادة دولة الكويت وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي.
  2. امتثالا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 833 لسنة 1993، تعترف جمهورية العراق بالحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت، كما رسمتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود بين العراق ودولة الكويت المشكلة بموجب الفقرة 3 من القرار 687 لسنة 1991 وتحترم حرمة الحدود المذكورة.
  3. تتولى الوزارات والجهات المختصة ذات العلاقة تنفيذ هذا القرار.
  4. ينفذ هذا القرار في 10 من شهر تشرين الثاني 1994 وينشر في الجريدة الرسمية.

وبعد صدور هذا القرار، لم تقم أي حكومة عراقية بتغيير الحدود، ولكن وفقا لوفود واجتماعات مشتركة عراقية وكويتية ولجان من الأمم المتحدة، فقد ثبتت الدعامات الكويتية مثلما رسمتها الأمم المتحدة سابقا ولم يحصل عليها أي تغيير.

وللتنويه فإن قرار ترسيم الحدود خاص بالحدود البرية فقط وليس لترسيم الحدود البحرية. ومنذ عام 1994 وبعد تنفيذ قرار الأمم المتحدة ولغاية اليوم، لم تتقدم الكويت بأي خطوة تجاه الحدود العراقية، ولم يتقدم العراق أي خطوة تجاه الحدود الكويتية، وما زالت الدعامات البرية مثبتة وفقا لقرار الأمم المتحدة ولا توجد أي مشكلة بهذا الخصوص.

شاهد أيضاً

الذهب يحقق أفضل أداء سنوي

الشرق اليوم- سجلت أسعار الذهب، الجمعة، أفضل أداء أسبوعي لها في عام، مدفوعة بالطلب المتزايد …