الشرق اليوم- إن الانقلاب الذي شهدته النيجر قبل نحو أسبوعين، يدل على أن تخبط سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في المستعمرات الفرنسية السابقة في أفريقيا.
ويمكن القول أن على فرنسا أن تتحمل جزءا من المسؤولية عما حدث في مستعمرتها السابقة لفشلها في تحقيق الاستقرار في قارة أفريقيا.
وكانت النيجر إلى وقت قريب من أكثر المستعمرات الفرنسية السابقة استقرارا بمنطقة الساحل الأفريقي، لكنها لم تعد كذلك الآن بعد الإطاحة بحكومتها، شأنها شأن بوركينا فاسو ومالي.
وتكرر المشهد نفسه تكرر في الانقلابات التي شهدتها الدول الثلاث: بيان كئيب حول نظام الحكم السيئ، اليأس الذي أنتجته سنوات طويلة من الجفاف، الفوضى الأمنية، وقبل كل شيء فشل النموذج الفرنسي لتحقيق الاستقرار في أفريقيا.
زعمت المخابرات الفرنسية أنها استطاعت التنبؤ بتمرد مجموعة “فاغنر” العسكرية الروسية ضد النظام الروسي بموسكو، ولكنها قد فشلت في التنبؤ بانقلاب النيجر كما فشلت قبل ذلك في توقع الانقلابات التي حدثت في كل من مالي وبوركينا فاسو.
وبالإشارة إلى الأهمية الاستراتيجية للنيجر بالنسبة لفرنسا التي تستورد 10% من احتياجات مفاعلاتها النووية من اليورانيوم من مستعمرتها السابقة، كما أنها محطة مهمة في طريق المهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا.
لذلك فإن العلاقة بين فرنسا ومستعمِرتها السابقة التي كانت تسيطر عليها حتى عام 1960- جعلت باريس الضامن الرئيس لمصالح الاتحاد الأوروبي بهذا البلد وغيره من المستعمرات الفرنسية في دول غرب أفريقيا.
ويسعى ماكرون لإظهار قدرته على نشر قوة أكثر مهارة من القوات الأمريكية في المنطقة، لمواجهة تحدي الجماعات المسلحة، لكن بدلا من ذلك فإن الوجود الفرنسي بالمنطقة أصبح في حالة من الفوضى.
وإذا ما أُجبرت القوات الفرنسية بالنيجر البالغ عددها 1500 جندي على الخروج، فإن تشاد ستكون الدولة الوحيدة بمنطقة الساحل التي توجد بها قاعدة عسكرية لفرنسا التي سحبت قواتها من مالي العام الماضي بعد تدخل عسكري استمر 9 سنوات، بينما طردت قواتها من بوركينا فاسو في يناير الماضي.
وفي حال خروج القوات الفرنسية من النيجر، فإن القوات الأمريكية ستخرج كذلك، الأمر الذي يُعدّ بمثابة دعوة لمرتزقة فاغنر الروس للاستفراد بالنيجر وملء الفراغ في السلطة الذي خلفه خروج هاتين الدولتين.