الشرق اليوم- ألم يدرك صناديد “حماة الوطن” في السودان بعد مئة يوم من حربهم العبثية، أن الوطن لم يعد وطناً، والسودان لم يعد هو السودان الذي نعرفه؟ ألم يدرك هؤلاء بعد أنهم يفتحون أبواب جهنم على بلد يستحق الحياة؟ ألا يدرك هؤلاء أنهم يجرون السودان والسودانيين إلى كوارث بدأت وأخرى في الأفق؟
ليس صحيحاً أن الحرب التي بدأت قبل مئة يوم، كانت مجرد صراع على السلطة، لو كان الأمر كذلك، لكانت الجهود العربية والإقليمية المتواصلة نجحت في التوصل إلى صيغة للحل والتسوية، ولكان أطراف الصراع اقتنعوا بأن القتال لن يؤدي إلى منتصر يحسم المعركة.
إذا صحّت التقارير التي تتحدث عن مخطط جهنمي لتقسيم السودان، وفي الأغلب هي صحيحة، فإن المعارك لن تتوقف؛ بل قد تتسع لتشمل أقاليم أخرى، خصوصاً مع وجود العديد من الجيوش المحلية في أكثر من إقليم على أهبة الاستعداد لدخول معمعة الحرب؛ وذلك مع إصرار على مواصلة القتال، وإفشال كل الجهود لوقفه.
تحتاج مؤامرة التقسيم إلى ذرائع، يتم توفيرها، لإقناع العالم باستحالة التوصل إلى وقف الحرب، وأنه لا بد في نهاية المطاف من التقسيم كحل وحيد، أسوة بما حدث مع جنوب السودان عام 2011.
المخطط ليس جديداً، وأصوله تعود إلى مشروع “الشرق الأوسط الجديد” و”الفوضى الخلّاقة” التي عاناها أكثر من بلد عربي. وإذا كان السودان لم يلحقه نصيب “الفوضى الخلّاقة” في ذلك الوقت، لكنه عايش فصلاً خطراً منها، بانتزاع جزء كبير منه، إلا أن الظروف الدولية الراهنة، وصراع الكبار على القارة الإفريقية، أعاد طرح مسألة التقسيم على الطاولة، لتسهيل عملية الاستقطاب في شرق القارة السمراء. وقد تكون الطريقة الأسهل لبلوغ هذا الهدف، هو تقسيم السودان إلى ثلاث دويلات، الأولى، دويلة النوبة، والثانية دويلة شمال السودان، والثالثة دويلة دارفور الغنية بالذهب واليورانيوم والنفط. وللوصول إلى هذا الهدف، يجب تفكيك الوحدة المجتمعية والإقليمية للسودان؛ وذلك لن يتأتى إلا من خلال الحرب الحالية، وتصعيد جذوة التفرقة القبلية والجهوية، كما يحدث الآن في إقليم دارفور، وإقليم النيل الأبيض.
وسط هذه المخاوف تزداد المأساة الإنسانية، ويتسع مدى الكارثة، فماذا تقول الأرقام؟
*هناك أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوداني اضطرتهم المعارك للفرار باتجاه مصر وتشاد وجنوب السودان.
* تتحدث التقارير الدولية عن مقتل أكثر من 3 آلاف سوداني، وجرح أكثر من ضعفيهم في الاشتباكات.
* خروج أكثر من 90 في المئة من المستشفيات من الخدمة جرّاء تعرضها للقصف أو النهب أو الاحتلال.
* تؤكد تقارير من مصادر مختلفة عن عمليات نهب واسعة للمتاجر والمنازل والأسواق التجارية.
* مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك قال في تقرير له، إن ما لا يقل عن 53 امرأة وفتاة تعرضن للاغتصاب.
* مئات المنازل تم تدميرها إضافة إلى عشرات المباني التي تعرضت للقصف ولم تعد صالحة للسكن أو تحتاج إلى ترميم.
هذه بعض وجوه الكارثة – المؤامرة.. إنها أرقام صادمة ومهولة.
المصدر: صحيفة الخليج