بقلم: عبدالله العلمي – صحيفة النهار العربي
الشرق اليوم- احتلت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا حيزاً جيداً في نشرات الأخبار العالمية. من أبرز علامات نجاح العلاقة بين البلدين، تطور المشاريع السعودية- الفرنسية. أقصد تحديداً مصفاة ساتورب المشتركة بين شركتي أرامكو السعودية وتوتال إنرجي الفرنسية، وشركة (EDF) الفرنسية للطاقة المتجدّدة التي تترأس ائتلاف تطوير مشروع مزرعة الرياح في محافظة دومة الجندل، وشراكات أخرى في المجالات اللوجستية.
للتعليم والطب مكانة هامّة في العلاقة بين البلدين، فهناك 1400 طالب سعودي يتابعون دراستهم حالياً في فرنسا، كما تضمّ ثلاث جامعات سعودية أقساماً لتدريس اللغة الفرنسية. أما برنامج التدريب للأطباء السعوديين المتخصّصين في فرنسا، فقد استقبل مئات الأطباء منذ عام 2006.
كذلك ارتفع عدد الشركات الفرنسية المستثمرة في المملكة من 259 شركة في العام 2019 إلى 336 شركة في العام 2022. أما التبادل التجاري بين البلدين، فقد زاد حجمه في العام 2021 ما قيمته 7.155 مليارات دولار، حيث جاءت المملكة في المرتبة 32 في قائمة الدول التي تستورد منها باريس بقيمة 3.915 مليارات دولار.
الاجتماعات التي عقدها الوفد السعودي في العاصمة الفرنسية تشمل العلاقات الثنائية، بخاصة الاقتصادية والعسكرية والثقافية. كذلك تتضمن المحادثات بين الجانبين ملفات دولية عدة، أبرزها لبنان والعراق والسودان، إضافة إلى سبل إنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية.
في قصر الإليزيه، ترتفع وتيرة الاستثمارات الاقتصادية بين الرياض وباريس، وقد بحث الجانبان تطوير العمل المشترك، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بما يحقق مصالح البلدين. أقصد تحديداً مشاريع الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتعاون في مجال الهيدروجين النظيف، وأهمية استقرار الأسواق العالمية.
المعطيات واضحة وإيجابية، فقد احتلت المملكة المرتبة 53 في قائمة الدول المستقبلة لصادرات فرنسا بقيمة 3.240 مليارات دولار. هذا ليس كل شيء، بل يعمل البلدان على تعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية، وبناء شراكات طويلة الأمد بين القطاع الخاص في المملكة وفرنسا. من الأدلة الناجحة، توقيع مذكرة تفاهم بين برنامج “بزنس فرانس” من الجانب الفرنسي، وبرنامج “ريادة الشركات الوطنية” السعودي.
التعاون المثمر بين البلدين لم يأتِ من فراغ، فالالتزام واضح بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغيّر المناخي، وتبادل المصالح الاستراتيجية، وتقوية الشراكة في المجالات الدفاعية. والعوامل التي تجمع بين الرياض وباريس تشمل أيضاً أهمية حلّ النزاعات الدولية بالطرق الدبلوماسية والسلمية، والالتزام بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حسن الجوار، واحترام وحدة وسيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية.
آخر الكلام. يشارك الأمير محمد بن سلمان غداً الاثنين 19 حزيران (يونيو) في حفل استقبال السعودية الرسمي لترشّح الرياض لاستضافة “إكسبو 2030”. وقصر الإليزيه كان سبّاقاً في إعلان تأييده لملف الترشُّح للمعرض الدولي الهام. كذلك يترأس ولي العهد السعودي وفد المملكة المشارك في قمة “من أجل ميثاق مالي عالمي جديد” في باريس يومي 22 و23 حزيران (يونيو) الجاري. هنا يجتمع قادة العالم لمناقشة التمويل، لمحاربة الفقر، ومواضيع مناخية وبيولوجية أخرى.
هكذا تتحوّل السعودية إلى طرف فاعل في صنع القرار والعلاقات الدولية الإيجابية.