الشرق اليوم- بعد تأخر طال لأشهر، أقرّ البرلمان العراقي، يوم الاثنين الحادي عشر من يونيو الحالي، قانون الموازنة المالية لثلاث سنوات 2023 و2024 و2025، وبين مؤيدين ومعارضين لما تم إقراره في الموازنة، يسلط “الشرق اليوم” الضوء على مواد قانون الموازنة، وأسباب تأخير إقراره.
تفاصيل الميزانية
تبلغ الميزانية الجديدة 198 تريليون و910 مليارات دينار عراقي (153 مليار دولار) لكل عام، تشمل إنفاقا قياسيا على فاتورة أجور حكومية متزايدة ومشروعات تنمية تهدف لتحسين الخدمات وإعادة بناء البنية التحتية.
ويبلغ إجمالي إيرادات الموازنة 134 تريليون و5 مليارات دينار (103,4 مليارات دولار)، بناء على سعر برميل نفط 70 دولارا، حيث تشكل العائدات النفطية نسبة 90% من إيرادات البلاد.
ويقدر عجز الميزانية بنحو 64.36 تريليون دينار عراقي (49,09 مليار دولار)، وهو مستوى مرتفع على نحو قياسي ويبلغ أكثر من ضعف آخر عجز ميزانية مسجل في 2021.
وتتكون الميزانية من 68 مادة، بالإضافة إلى مواد جديدة صوّت عليها مجلس النواب تنص على عدم التعامل بأي نص أو قانون أو قرار يتعارض مع قانون الموازنة، كما صوت على موازنته بالمجمل وذلك بتخصيص مبلغ مقداره (418,8) مليار دينار، لنفقات موازنة المجلس، وعلى موازنة السلطة القضائية، بتخصيص مبلغ مقداره (714,8) مليار دينار.
في حين، صوّت مجلس النواب العراقي، على المادة الخاصة بنشر الموازنة في الجريدة الرسمية، والبدء بتنفيذها اعتباراً من 1 يناير 2023.
ورفض مجلس النواب التصويت على فقرة الدراسات العليا في الجامعات الأهلية، كما صوت أيضا على مادة جديدة من مشروع قانون الموازنة (مناقلة التخصيصات المالية اللازمة لاستحداث الدرجات الوظيفية لما تبقى من الفاحصين على نفقة وزارة الدفاع على ألا يزيد عددهم على 1200).
كما صوّت أيضا على مادة جديدة تنص على تخصيص 150 مليار دينار لتنفيذ المشاريع العراقية – المصرية.
لماذا تأخرت الموازنة؟
تأخّر إقرار الموازنة ليس وليد هذه السنة وإنما يمكن القول إن التأخير الذي جرى هو تأخير على التأخير الذي دام عام خلال 2022، ما أدخل العراق في دوامة صراعات بشأن إقرار الموازنة، وبالإشارة إلى الانتقادات على التأخير في إقرار الموازنة، هناك من رأى أن قوت الشعب لم يكن أولوية للحكومة العراقية وإنما هو لمصالح شخصية وحزبية، أما الرأي المؤيد للتأخير فيجد أن التمحيص في فقرات مواد القانون غاية لحفظ الحقوق.
ووسط موجة الانتقادات السياسية، برزت مواقف تشير إلى أنها أسباب لعرقلة إقرار الموازنة، ففي 3 أبريل الماضي، منح رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، “إجازة لنفسه” لمدة 15 يوما، وتم تخويل النائب الأول له بمتابعة عمل اللجان النيابية، وتناقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية السخط السياسي على تأخر استكمال إقرار قانون الموازنة، محملة الحلبوسي أسباب التأخير؛ وذلك لمواجهته خلافات مع تحالف “العزم”، الذي يترأسه خميس الخنجر.
كما تناقلت الأوساط السياسية العراقية أن سبب تأخر إقرار الموازنة يعود إلى التفاهمات السياسية والتجاذبات بين الكتل البرلمانية، مشيرة إلى أن الأطراف السياسية تحاول أن تمرر مطالبها وفقاً للاتفاق الذي نتج عنه تشكيل الحكومة الحالية.
أما فيما يخص إقليم كردستان فقد كان هو الآخر عقبة رئيسة أمام إقرار الموازنة، حيث يكمن الخلاف في المواد المتعلقة بتصدير نفط الإقليم ووارداته وآلية تنظيمه، ما سبّب خلافات بين نواب القوى الكردية من جهة ونواب مستقلين وآخرين ضمن قوى تحالف الإطار التنسيقي، قاد إلى تأجيل التصويت على المواد الخاص بها داخل قانون الموازنة.
ووفقا لما سبق فقد أوضح المحلل السياسي الدكتور حيدر البرزنجي بأن فقرات إقليم كردستان عطلت التصويت على الموازنة.
ومن جهته، دعا رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور البارزاني، الكتل الكردية إلى “الدفاع عن كيان الإقليم وحقوقه الدستورية واستحقاقاته المالية”، ودعا في تغريدة له كتبها باللغة الكردية، الكتل إلى “التعامل مع مشروع قانون الموازنة من منطلق المسؤولية الوطنية”، ودعاها إلى “الوقوف ضد أي محاولة لإضعاف مكانة إقليم كردستان”.
فيما نشر زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البرزاني، رسالة، تأسف من خلالها بشأن ما حدث في الأيام القليلة الماضية في مجلس النواب العراقي من محاولات غير مسؤولة وغير دستورية تهدف لتعميق المشاكل وانتهاك الحقوق المشروعة للشعب الكردستاني، موضحا أن الجميع يدرك أن هناك حوارات أدت إلى اتفاقات بناءة بين الأطراف المكونة لتحالف إدارة الدولة لإزالة العوائق وحل الإشكاليات، كما أشار إلى الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان، مؤكدا أن ما فعلته بعض الأحزاب السياسية، وللأسف، من جحود وإنكار وبطريقة غير مسؤولة بهدف تقويض كيان إقليم كردستان، ذاكرا أن ما حدث في الأيام القليلة الماضية في مجلس النواب العراقي قد أزال القناع وكشف عن الوجه الحقيقي للأطراف الشوفينية ومساوماتها ومن لا يحترمون عهودهم وتواقيعهم، إنهم لا يحترمون الدستور.
المواقف من الموازنة الاتحادية
تصدر إقرار الموازنة العراقية، حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فمنهم من أشاد ومنهم على عكس ذلك:
كتب الدكتور معمر الكبيسي، في تغريدة على “تويتر”: “الموازنة الثلاثية تنفذ في بداية السنة القادمة، وحتى السنة القادمة كم عمامة سوف تميل؟ وكم رأس سيسقط يا ترى؟. تمنياتي لهم بتمرير قانون الموازنة لأنها على ما أظن الحبل الذي سيلف حول رقابهم. ثلاث سنوات موازنة لغز لا يحله الا ذوات البصيرة”.
وقال السياسي العراقي المعارض الدكتور ليث شبر، في تغريدة على “تويتر”: “كنت أتمنى أن أمدح إقرار #الموازنة وأقول أنها إنجاز عظيم لكن كيف أفعل ذلك وأغلبية الناس تعتبرها سرقة في وضح النهار وأغلبية أهل الشأن يقولون عنها أنها كارثية والمادح الوحيد لها هم أهل القرار والمستفيدين منها والأيام القادمة ستثبت أي الفريقين على حق فريق الشعب وأهل الشأن أم الآخرين”.
وتساءل الأكاديمي في علم السياسة الدكتور زيد الأعظمي في حال كان يعلم المواطن أن في الموازنة المالية للدولة فقرة عن دعم مالي لدول الصومال والسودان وجزر القمر بحجة أنها دول “فقيرة” … في حين أن 25% من الشعب العراقي فقراء حسب إحصائية وزارة التخطيط لسنة 2023!!! #العراق
وعبر المغرد عمار الحديثي عن موقفه الرافض للموازنة، بوصفه أنها لحظة اتفاق اللصوص على حصصهم من سرقة أموال العراقيين لثلاث سنوات قادمة.
وذكر الصحفي ياسر الجبوري في تغريدة على “تويتر” أن الحديث باسم الشعب وقوته طال ليلا ونهارا، ولكن عند ارجاع المال الكل يسكت، مشيرا أن الأموال ذهبت حالها حال الموازنات المليارية التي انسرقت سابقا.
وعلّق الباحث السياسي مصطفى السراي في تغريدة على “تويتر” بشأن استحداث دراسات عليا في الجامعات والكليات الاهلية، قائلا: “في ما يخص فقرة استحداث دراسات عليا في الجامعات والكليات الاهلية المنصوص عليها في قانون الموازنة وحذفها. – أساس وجود المادة غير دستوري وغير صحيح ولا علاقة لقانون الموازنة بهذا الشأن. -القرار من صلاحية وزارة التعليم (هيئة الرأي ومصادقة الوزير) ومجلس الوزراء”.