الرئيسية / مقالات رأي / الأقصى لا يقبل التقسيم

الأقصى لا يقبل التقسيم

الشرق اليوم- تمضي إسرائيل بخطوات حثيثة في فرض روايتها بتزوير هُوية مدينة القدس العربية – الإسلامية، وتزييف طابعها الديني التاريخي والحضاري بالمضي في تنفيذ خطط تهويدها من خلال تهجير سكانها المقدسيين، وهدم منازلهم، والاستيلاء عليها، وتغيير أسماء الشوارع والساحات العربية بأسماء يهودية، وتدمير مقابرهم التاريخية، مثل “مقبرة باب الرحمة”، ومقبرة “مأمن الله”، اللتين يعود تاريخهما إلى مئات السنين، وتحويلها إلى ساحات عامة وحدائق.

آخر ما تتعرّض له المدينة محاولة تهويد المسجد الأقصى من خلال مشروع قانون قدّمه عضو الكنيست عاميت هاليفي عضو حزب الليكود.

خطورة المشروع أنه يستهدف تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، بتخصيص محيط المسجد القبلي جنوباً للمسلمين، وتخصيص المساحة التي تبدأ من صحن قبة الصخرة وحتى أقصى شمال ساحات الحرم القدسي لليهود، وهي مساحة تقدر بنحو 70 في المئة من مساحة الأقصى.

يذهب المشروع إلى حد اعتبار تقديس المسلمين لكل الأقصى “مؤامرة لحرمان اليهود من مقدسهم على جبل الهيكل” (المسجد الأقصى).

إذاً، نحن أمام فصل جديد وخطر من التهويد الذي يطول الآن واحداً من أهم المقدسات الإسلامية؛ وهو أولى القبلتين، وثالث الحرمين، ومسرى الرسول الكريم، استكمالاً لتهويد الحرم الإبراهيمي وتقسيمه، زمانياً ومكانياً، عام 1998، والذي ارتكب فيه اليهودي المتطرف باروخ غولدشتاين مجزرة عام 1994، التي راح ضحيتها 29 مصلياً، وجُرح 150 آخرون.

كان المسجد الأقصى تعرّض عام 1969 لحريق أحدثه اليهودي المتطرف مايكا دينيس وليم روهان، أتى على منبر صلاح الدين، وأدى إلى حرق وإتلاف معظم الجهة الجنوبية، كما هددت منظمات يهودية متطرفة، من بينها منظمة “لاهافا”، بتدمير المسجد، والبدء في بناء الهيكل المزعوم على أنقاضه. والآن يدخل المسجد الأقصى مرحلة جديدة من مراحل تهويده، استكمالاً لتهويد كل الأرض والمقدسات، بما يشكّل تحدياً لمعتقد ومشاعر ملايين المسلمين، واعتداء صارخاً على كل ما تمثله المدينة من دور ديني وتاريخي، وبما قد يشعل شرارة حرب دينية قد لا تُبقي ولا تذر.

عدا ذلك، فإن هذا العدوان السافر على المسجد الأقصى يشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق الدولية، حيث أكدت عشرات القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة، ومنظمة “اليونيسكو” عدم شرعية أي إجراء تتخذه سلطات الاحتلال لتغيير معالم المدينة المقدسة، منها القرار الأخير الذي صدر عن الأمم المتحدة عام 2021، والذي أكد “السيادة الكاملة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية”، وكذلك قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي أكد “أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية”،

أيضاً قرار منظمة “اليونيسكو” الذي صدر عام 2016 وطالب “إسرائيل القوة المحتلة بوجوب الالتزام بصون سلامة المسجد الأقصى وأصالته وتراثه الثقافي، وفقاً للوضع التاريخي الذي كان قائماً بوصفه موقعاً إسلامياً مقدساً مخصصاً للعبادة وجزءاً لا يتجزأ من التراث العالمي الثقافي”. الأقصى مسجد المسلمين، هكذا كان وسيبقى، لا يقبل القسمة مع أحد.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …