الرئيسية / مقالات رأي / السد وما وراءه

السد وما وراءه

الشرق اليوم- في معظم الحروب يتم اللجوء إلى عمليات عسكرية سرية خارج ميدان المعركة، للتأثير في معنويات العدو، وتقليص قدراته، العسكرية والاقتصادية، واستثمار نتائجها، من خلال تنفيذ عمليات خاصة يصعب تحديد منفّذها.

 حصل ذلك مؤخراً يوم 26 سبتمبر الماضي، عندما تم تفجير خطّي “نورد ستريم1″ و”نورد ستريم 2” للغاز، اللذين يربطان روسيا بألمانيا، من أجل حرمان روسيا من عوائدهما المالية، والتأثير في مجهودها الحربي في أوكرانيا.

 لم يتم الكشف عن الفاعل، وظلت التحقيقات سرية، لأن الجهات المعنية، وهي ألمانيا والسويد والدنمارك، ليس من مصحلتها، وهي أطراف في الحرب، الكشف عن الفاعل، طالما يُلحق الضرر بروسيا، رغم أن تقارير ذات مصداقية نشرها الصحفي الاستقصائي المعروف، سيمور هيرش، تحدثت عن دور المخابرات الأمريكية في ذلك. كما أن صحيفة “واشنطن بوست” كشفت، قبل أيام، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي أيه)، كانت على علم من خلال وكالة تجسس أوروبية، بخطة فريق أوكراني من ستة أفراد يتبعون قائد القوات المسلحة الأوكرانية لتفجير خطّي الغاز.

 وتتكرر عملية التضليل مع تفجير سد “نوفا كاخوفا” الأوكراني، مؤخراً، حيث تتبادل روسيا وأوكرانيا الاتهامات حول مسؤولية تفجيره التي تحولت إلى كارثة إنسانية جراء انهيار السد، والفيضانات الناجمة عن تدفق مياه البحيرة التي طمرت عشرات القرى ومساحات شاسعة من أراضي منطقة خيرسون، التي سيطرت عليها القوات الروسية في بداية عملياتها العسكري في 24 فبراير 2022، إضافة إلى الأضرار البيئية المتوقعة جراء وجود أطنان من الزيوت في محطة “نوفا كاخوفا” للطاقة الكهرومائية التي دمرت، والتحذير من خطر الألغام التي كانت مزروعة في الأرض وجرفتها المياه وتحولت إلى ألغام عائمة.

 روسيا سارعت إلى اتهام أوكرانيا بالوقوف وراء التفجير الذي وصفه الرئيس، فلاديمير بوتين، بأنه “عمل همجي”، وذكّرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بتصريح الجنرال الأوكراني، أندري كوفالتشوك، لصحيفة «واشنطن بوست» في 29 ديسمبر 2022 عن القيام بضربة تجريبية من منظومة الصواريخ الأمريكية “هيمارس” على أحد منافذ السد لإحداث ثغرة فيه، ومعرفة مقدار ارتفاع المياه في نهر دنيبرو، بما يكفي لإغراق المعابر الروسية، ولكن من دون إغراق القرى المجاورة. ويضيف “التجربة كانت ناجحة، لكن الفكرة نفسها بقيت كملاذ أخير”.

 ووفقاً للصحيفة نقلاً عن كوفالتشوك “لم تكن مهمتي التحرير فحسب، وإنما كانت احتجاز القوة الروسية وتدميرها، أي عدم السماح لها بالمغادرة، أو الوجود في الأساس”.

 أوكرانيا من جهتها، اتهمت روسيا بالوقوف وراء تفجير السد، وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي “هذا ليس إلا عملاً إرهابياً واحداً.. إنها جريمة حرب”، واتّهم موسكو بارتكاب “إبادة بيئية”.

 السدود تدخل معادلة الحرب أيضاً. وبالطبع، لن يتم الكشف عمّن دمّر السد، كما لن يتم الكشف عمّن دمّر أنابيب الغاز في بحر البلطيق، فهذه من أسرار الحروب الخفية التي تبيح كل محظور.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …