الرئيسية / مقالات رأي / العراق ودوره المحوري في الإقليم

العراق ودوره المحوري في الإقليم

بقلم: أسعد عبود- النهار العربي
الشرق اليوم– الوساطة التي يقودها سلطان عُمان هيثم بن طارق بين مصر وإيران، تصب في السياق الحواري والانفتاحي الذي دخل فيه الشرق الأوسط عقب اتفاق بكين، الذي أبرم في العاشر من آذار (مارس) بين الرياض وطهران.

إن معاودة العلاقات بين مصر وإيران هو تطور جيوسياسي يواكب تطوراً من النوع نفسه بين تركيا ومصر، ويساهم أكثر في انقلاب مشهد المواجهات والخصومات الذي ساد المنطقة في العقد الأخير، إلى واحة من الانفراجات وحديث الدول وجهاً لوجه، تذليلاً لسلبيات متراكمة.

لا ينفصل عن المشهد الجديد الذي تكتمل صورته يوماً بعد يوم، انفتاح الدول العربية على سوريا الذي تكرس بحضور الرئيس بشار الأسد القمة العربية التي عقدت في جدة في 19 أيار (مايو) 2023. إستعداد عربي يقابله إستعداد سوري لفتح صفحة جديدة ومقاربة الأزمة السورية برؤية جديدة تنطلق من خطوات لإستعادة الثقة والبناء على الايجابيات.

وبالتزامن، هناك رعاية روسية وإيرانية لعملية تطبيع بين سوريا وتركيا لا تزال في خطواتها الأولى ولم تحقق حتى الآن اختراقاً كبيراً. وقد يسرع فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية ثالثة من عملية التطبيع السوري – التركي.

وفي تطور موازٍ، عودة العراق إلى تنكب مهامه كدولة عربية لها ثقلها على الساحة الإقليمية وتشق طريقها نحو التعافي. من دلائل ذلك، مشروع خطّ بري وخط للسكك الحديد يصل الخليج بالحدود التركية، يطمح العراق عبره الى التحول خطاً أساسياً لنقل البضائع بين الشرق الأوسط وأوروبا. ولا يزال المشروع الذي حدّدت الحكومة العراقية كلفته بنحو 17 مليار دولار وبطول 1200 كيلومتر داخل العراق، في مراحله الأولى.

اللافت في المشروع الذي أطلق عليه “طريق التنمية”، أنه يضم عدداً من الدول الإقليمية هي دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت وسلطنة عمان والأردن وتركيا وإيران وسوريا.

ومن المشاريع الإقليمية التي يمكن أن تخلق تعاوناً ينقل المنطقة إلى مرحلة جني ثمار التفاعل الاقتصادي، هو إعلان وزارة الكهرباء العراقية السبت الماضي، أن العراق سيبدأ الربط الكهربائي مع الأردن مطلع تموز (يوليو) المقبل، بقدرة 5 ميغاوات كمرحلة أولى بتغذية الشبكة الوطنية.

ولعله جدير بالتذكير أيضاً الدور الذي اضطلع به العراق على صعيد إعادة التواصل بين الرياض وطهران في العامين الماضيين، والذي مهد الطريق نحو اتفاق بكين.

هذه الإنماط من التعاون بين الدول الإقليمية من شأنها إحداث اختراقات مهمة في العلاقات، ومن الممكن أن تتبلور إلى شكل من أشكال التعاون الاقتصادي القائمة بين دول كثيرة في العالم، على أساس المصالح المشتركة المتبادلة. ومهما كانت هذه المشاريع في بداياتها، فإن الاستثمار في الاقتصاد والعلاقات التجارية، يعزز المواقع السياسية للبلدان المنضوية تحت لوائها. ودول المنطقة لا تعوزها الإمكانات لا المادية ولا المعنوية للمضي في خلق شرق أوسط جديد.

والتعاون الاقتصادي بين الدول الأوروبية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كان العامل الأساسي في إطالة أمد السلام في ما بينها. وانفجار الحرب الروسية – الأوكرانية قبل 15 شهراً هو التحدي الأخطر الذي يواجه السلام الذي نعمت به أوروبا منذ عام 1945.

دول الشرق الأوسط بعد اتفاق بكين، أمامها فرصة للانطلاق إلى آفاق التعاون الاقتصادي وحجز مكان لها في عالم يتغير بسرعة، وهي مهددة بالدخول في غياهب النسيان والاضمحلال إن لم تلتقط الفرصة المواتية لها الآن.

الحرب الأميركية على العراق، هي التي فتحت أبواب الجحيم على المنطقة. وكل الحروب التي توالت بعد ذلك الحدث، كانت بمثابة ترددات لذلك الزلزال المدمر.

تدمير العراق جر إلى تدمير سوريا وتدمير سوريا ارتد سلباً على الأردن ولبنان وتركيا.
واليوم عندما يبدأ العراق خطوات استعادة دوره وانفتاحه على الدول العربية، فإن ذلك يصب مباشرة في تعزيز خطوات الانفتاح العربي على سوريا، والعكس صحيح.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …