الشرق اليوم- انقطع التواصل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشار الألماني أولاف شولتس منذ ديسمبر الماضي؛ حيث جرت بينهما آخر محادثة هاتفية استمرت لساعة كاملة.
منذ ذلك التاريخ، انقطع التواصل بين الزعيمين، وبدا أنهما يسيران في خطين متعارضين تماماً؛ إذ اتخذت ألمانيا مواقف أكثر تشدداً تجاه روسيا من خلال إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، أسوة بما فعلته الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أطلسية أخرى، كما شاركت بتطبيق حزم جديدة من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، في حين بدت موسكو أكثر تصميماً على تحقيق أهدافها من الحرب، من دون تقديم أية تنازلات أمام تدفق الأسلحة إلى كييف أو تصعيد العقوبات ضدها.
الجديد، هو ما أعلنه المستشار الألماني شولتس، أمس، في حديث إلى صحيفة “كولنر شتات – أنتسايغر” الألمانية من أنه سيعاود الحديث مع بوتين مرة أخرى “في الوقت المناسب”، من دون أن يحدد موعداً لذلك، لكنه حذر من تجميد الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وتحويل خط الجبهة إلى “حدود جديدة”، داعياً إلى “سلام عادل” بشرط انسحاب القوات الروسية. وترك المستشار السؤال، حول ما إذا كان هذا ينطبق أيضاً على شبه جزيرة القرم، مفتوحاً من دون جواب حاسم، بقوله: “انسحاب قوات..ليس من شأننا أن نصوغ بدلاً من أوكرانيا الاتفاقات التي تريد إبرامها”؛ إذ إن عبارة “انسحاب قوات” هي غيرها “انسحاب كل القوات”، كما راوغ في الرد على سؤال حول ما إذا كان ينبغي إطاحة الرئيس الروسي، وقال: “أنا لا أقدّر كثيراً مثل هذه الأسئلة التخمينية”.
قد يكون الموقف الألماني مختلفاً إلى حد ما عن الموقف الأمريكي الذي يراهن على استمرار الحرب، وإغلاق كل أبواب التسوية. ويبدو أن شولتس يحاول فتح نافذة جديدة للمفاوضات؛ نظراً لإدراكه بأن الحرب إذا ما استمرت من دون أفق زمني، فسوف تشكل خطراً على الأمن الأوروبي، ولن تكون ألمانيا بمعزل عن هذه المخاطر، خصوصاً إذا ما اتسع نطاقها طالما لا ضوابط لتصاعدها واتساعها. خصوصاً أن ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية تضرراً من تداعيات الحرب؛ حيث الاقتصاد الألماني الذي يعد قاطرة أوروبا، بات على صفيح ساخن بعد أن ألهبت ارتدادات الحرب أسعار الطاقة ومستويات التضخم التي باتت تقترب من 7 في المئة، كما انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى حدود 2.2 في المئة. فيما أعلن رئيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألماني بيتر أدريان أن حرب روسيا على أوكرانيا ستكلف الاقتصاد الألماني نحو 160 مليار يورو (171 مليار دولار).
كانت ألمانيا انتهجت سياسة تصالحية مع الاتحاد السوفييتي السابق، أيام المستشار الألماني الأسبق فيلي برانت تحت مسمى “السياسة الشرقية”، ثم تواصلت مع روسيا أيام المستشارين غيرهارد شرويدر وأنجيلا ميركل، من خلال علاقات مبنية على المصالح المشتركة، ومع قدوم شولتس باتت ألمانيا أكثر ميلاً للسياسة الأمريكية، متخلية عن مبدأ “السياسة الشرقية”.. فهل أدرك شولتس خطأ حساباته وسياساته؟
المصدر: صحيفة الخليج