بقلم: ديفيد هيرست
الشرق اليوم- فشل المفكرون الغرب في الاعتراف بقوة الديمقراطية التركية، لأنها لا تحقق النتائج التي ترضيهم.
فإن أداء الرئيس رجب طيب أردوغان في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية أصاب المعارضة بصدمة لدرجة أن الأمر استغرق 4 أيام ليفيقوا.
بالإشارة إلى موقف المعارضة المعادي لقضية اللاجئين السوريين في تركيا، البالغ حوالي 4 ملايين، وتوعدها لهم حال فوزها بترحيلهم من البلاد وتحريض أتباعها على ذلك في لافتاتهم.
فإن هذه القضية ليست صغيرة، وأنه في الوقت الذي يسود فيه شعور كبير معاد لسوريا يعم البلاد، وبعد صدمة الزلزال الهائل الذي دمر جنوب تركيا، فإن المهمة الأولى لأي رئيس مستقبلي -ناهيك عن الشخص الذي يتباهى بمؤهلاته الليبرالية- هو تخفيف حدة الخطاب وليس تصعيده.
كما أن قرار زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو بتحويل ترشيحه كرئيس لتحالف متعدد الأطياف إلى حزب معاد لحقوق الإنسان لا يخلو من عواقبه على المعارضة نفسها، ومنها أنه لم يعد بإمكانه تسمية نفسه ليبراليا بأجندة ديمقراطية لإعادة السلطة إلى البرلمان وحقوق الإنسان إلى البلاد.
فهم خاطئ
وفيما يتعلق بفهم الغرب الخاطئ لانتخابات الرئاسة التركية، فإن الأتراك أنفسهم يؤمنون بها بأغلبية ساحقة، حيث شهدت البلاد ثاني أعلى نسبة إقبال على التصويت في العالم، ولم تكن الجولة الأولى هذا الشهر استثناء، بما يقرب من 90%، مقارنة بالانتخابات المهمة في البلدان التي تصف أردوغان بالمستبد.
والإقبال يقزم تلك التي جرت في بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا، ومصر وتونس قبلها.
وإن عدم الاعتراف بقوة الديمقراطية في تركيا لأنها تقدم النتيجة الخاطئة، بينما يغض الطرف عن الانتخابات الزائفة في مصر وتونس التي قاطعها الناخبون، أصبح شيئا من اختصاص المفكرين الليبراليين الغربيين. وهذا هو أحد الأسباب التي تجعلهم يخطئون في فهم الشرق الأوسط مرارا وتكرارا.
أصبحت وجهة النظر الغربية بشكل متزايد بعيدة عن الواقع، ولم يعد بإمكان الغرب إرسال الجيوش والسفن الحربية لتصحيح ذلك. كما أن دعم الرئيس الأمريكي جو بايدن المعلن للمعارضة التركية ليس فقط بلا معنى، بل ربما تكون نتائجه عكسية. وقد يتعلم رئيس أمريكي آخر من ذلك، ولكن قد لا يكون ذلك في أي وقت قريب.