الشرق اليوم– اتهمت مؤسسة رقابية أهلية فلسطينية مكتب الرئاسة الفلسطينية “باستغلال قضايا الفساد لتصفية الحسابات السياسية والابتزاز المالي”، وهو ما رفضته السلطة بشدة، واعتبرته “مجافياً للحقيقة”. وأكدت أن “العمل لمحاربة الفساد مستمر وفق الأصول”.
وأشار تقرير “الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة– أمان” إلى أن مكتب الرئاسة الفلسطينية “تدخل في قضايا فساد بدلاً من إحالة المتورطين فيها إلى المحاكم، في ما بدا أنه تصفية حسابات، ومحاولة استيلاء على أملاك أحد المتهمين”.
وأوضح التقرير أن واحدة من تلك القضايا تعود إلى ملاحقة المتهمين بـ”تبييض تمور المستوطنات”، متهماً أطرافاً في السلطة “بالاستيلاء على أملاك أحد المتهمين المساهمين، من كبار المستثمرين في قطاع زراعة التمور وتسويقها”.
إلا أن النيابة العامة الفلسطينية رفضت تلك “الادعاءات”، وكشفت لـ”اندبندنت عربية” عن إحالتها قضية “تبييض التمور” إلى المحاكم المتخصصة بعد انتهاء التحقيقات في شأنها”.
وكانت هيئة مكافحة الفساد أحالت في عام 2021 ملف “تبييض التمور” إلى النيابة العامة التي أوقفت حينها عدداً من المتهمين في القضية بينهم رجال أعمال ومسؤولون سابقون.
وقال مسؤول في النيابة العامة الفلسطينية رفض الكشف عن اسمه لـ”اندبندنت عربية”، إن النيابة وردت إليها 91 جريمة فساد، منها 58 قضية من هيئة مكافحة الفساد، و29 قضية من النائب العام.
وأشار إلى أن “عدد القضايا المنجزة منها أو التي تعود إلى سنوات سابقة بلغ 47، أحيلت 31 منها إلى المحاكم، فيما حفظت 11 قضية لعدم وجود أدلة أو كون الفعل مجرد مخالفة إدارية وليس جريمة”. وأضاف المسؤول في النيابة العامة أن “عدد الأحكام الصادرة عن محكمة جرائم الفساد لعام 2022 بلغ 13، دين المتهمين في ستة منها، في حين جرى تبرئة ستة أخرى، إضافة إلى قضية انفضت الدعوى فيها”.
وتواصل النيابة العامة التحقيق في 262 قضية تعود إلى العام الماضي أو لسنوات سابقة.
وأوضحت النيابة العامة الفلسطينية أن لها دوراً بارزاً في اتخاذ خطوات نوعية لمحاربة الفساد والحد منه ورد الحقوق لأصحابها.
موقف رافض للاتهامات
في السياق، رفض رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية رائد رضوان، وجود أي تجاوزات في عمل الهيئة. وقال إن قضية “تبييض التمور تمت إحالة ملفها بشكل كامل إلى النيابة العامة التي باشرت في إجراءاتها”.
ونفى رضوان في حوار مع “اندبندنت عربية”، “مساومة أي من المشتبه فيهم أو إجراء تسويات مع أي من وردت أسماؤهم في الملف”.
وحول جود تدخلات في عمل هيئة مكافحة الفساد من جهات فلسطينية عليا، شدد رضوان على “عدم وجود أي تدخل من السلطة التنفيذية”.
وأشار رضوان إلى أن الهيئة تعمل “وفق قانون مكافحة الفساد الذي يمنحها الاستقلالية بما تقوم به من أعمال، وبأنها تحتكم فقط لقانونها”.
ووصف رئيس هيئة مكافحة الفساد تقرير مؤسسة “أمان” بأنه “معلومات يعوزها الموثوقية”، وتحدى أي جهة بأن تكشف عن مثال واحد للرأي العام.
مثال على التدخلات
لكن مستشار مجلس إدارة “أمان” لشؤون مكافحة الفساد عزمي الشعيبي أعطى مثالاً عن تلك التدخلات، التي تعود لقضية تبييض التمور، مشيراً إلى أنه “مكتب الرئاسة الفلسطينية تدخل فيها عبر المساومة والابتزاز المالي”.
وقال الشعيبي لـ”اندبندنت عربية” إن “مسؤولين في مكتب الرئاسة يعملون على ابتزاز رجل الأعمال الفلسطيني مالك الجابر المتهمة شركته بتصدير تمور من مستوطنات إلى تركيا على أنها فلسطينية”.
وأوضح الشعيبي أن ذلك يتم “بدل إحالته إلى المحكمة، حيث طلب منه التنازل عن أراض يمتلكها في أريحا وشركة لصالح شركة تم تأسيسها تابعة عملياً لمكتب الرئاسة”، في ادعاء نفته النيابة الفلسطينية.
وشدد الشعيبي على أنه يمتلك وثائق حول ذلك تتعلق بالعروض التي تتم بين محامي الجابر والشركة الجديدة.
وكشف الشعيبي عن أن “النيابة العامة لم تحل إلى محكمة جرائم الفساد سوى ملف واحد فقط من أصل ثماني قضايا حولتها هيئة مكافحة الفساد إليها تتعلق بمسؤولين من الفئات العليا”.
وتابع الشعيبي أن 86 في المئة من الملفات ما زالت محجوزة منذ سنوات لدى النيابة العامة، ولم يتم البت فيها. وقال “لدينا نظام سياسي يسمح بتدخل الأطراف السياسية في المنظومة القضائية للتغطية على أشخاص أو الانتقام من آخرين”. واعتبر أن “الفساد السياسي ناتج عن طبيعة النظام السياسي”.
موقف السلطة
من ناحية ثانية رأى المدير التنفيذي للهيئة الأهلية لاستقلال القضاء ماجد العاروري، أن تقارير “ائتلاف أمان”، “تتسم بالدقة العالية وتستند إلى معلومات”. وقال إن “السلطات الفلسطينية كان عليها عدم الصمت والبدء بتحقيق رسمي في تقرير الائتلاف”، مشيراً إلى أن ذلك” يمنح التقرير الصدقية”.
وتساءل العاروري عما فعتله السلطات الفلسطينية في قضية تبييض التمور بعد مرور عام على تفجيرها؟
من جهته شدد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية على أن “مكافحة الفساد مسؤولية وطنية، وليس له علاقة بالمال العام وحمايته فقط، فالأمر يتعلق بحماية أولادنا وشعبنا وقضيتنا”.
وعلى رغم تبني الحكومة لأنظمة تعزز نزاهة العاملين في الوظيفة العمومية، فإنها استثنت كبار المسؤولين في مؤسسات الدولة من الإفصاح عن الممتلكات والأموال المنقولة وغير المنقولة.
وطالب ائتلاف “أمان” السلطة الفلسطينية بتبني “سياسة الإفصاح من قبل كبار المسؤولين عن ممتلكاتهم، وعن ذممهم المالية عند توليهم مناصبهم وبشكل دوري”.
المصدر: اندبندنت عربية