الرئيسية / مقالات رأي / قمة هيروشيما و”العسكرة”

قمة هيروشيما و”العسكرة”

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- التحذيرات والتهديدات التي أطلقتها مجموعة السبع في قمة هيروشيما تجاه الصين وروسيا أولاً، ثم ضد كل من لا يلتزم نهج سياسات التحالف الغربي، تعبّر بما لا يدع مجالاً للشك عن استشعار الغرب لمدى خطورة التحولات الجارية في العالم، والمخاوف المتزايدة من فقدان سيطرته على مواقع نفوذه في الساحة الدولية.

 تقرأ في بيان مجموعة السبع والتصريحات التي واكبت انعقاد قمة هيروشيما، لهجة تصعيدية غربية أكثر مما هي لهجة تصالحية، وإن كانت مغلفة أحياناً بالحديث عن المحافظة على علاقات “بناءة ومستقرة” مع الصين، أو تبّني نهج مشترك، يستهدف “إزالة المخاطر وليس الانفصال” عن الصين، وفق مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان؛ ذلك أن إطلاق التحذيرات والتهديدات تجاه ما يُسمى “العسكرة” الصينية في آسيا والمحيط الهادي، وبناء ترسانتها النووية، والمطالبة بتخلي كوريا الشمالية عن برنامجها النووي، مشفوعاً برفض ما يعدونه تهديد روسيا باستخدام أسلحتها النووية، ومن موقع هيروشيما بالذات بما له من دلالة رمزية، جميعها تحمل رسائل أكثر من واضحة بشأن المدى الذي يمكن أن يذهب إليه الغرب.

 ففي نهاية المطاف، الولايات المتحدة هي أول من استخدم الأسلحة النووية وليس روسيا أو الصين. وإذا كان التصعيد الغربي لا يقتصر على الجانب العسكري وحده، فقد تم إطلاق مبادرة جديدة، لمواجهة ما يسمونه “الإكراه الاقتصادي”؛ حيث يتزايد شعور الغرب بأن بالصين باتت تمثل تهديداً

ل”الأمن الاقتصادي”، وتعهدوا باتخاذ خطوات، لضمان فشل محاولة أي طرف تحويل التبعية الاقتصادية إلى سلاح ومواجهة العواقب.

 وعلى الضفة الأخرى، ارتفعت وتيرة النبرة التصعيدية ضد روسيا عبر تبني حزم جديدة من العقوبات، بذريعة الحد من إمكانات تمويل عمليتها العسكرية في أوكرانيا، وقررت المجموعة فرض حظر شبه كامل على الصادرات إلى روسيا، بما في ذلك صادرات الماس، على الرغم من معارضة بعض الدول الأوروبية. وإمعاناً في التصعيد، فقد جرى مطالبة موسكو بسحب قواتها بالكامل وغير المشروط من أوكرانيا، وقررت المجموعة التخلي عن أية محظورات في تسليح أوكرانيا، وتزويدها بطائرات “إف 16” وغيرها من الأسلحة المتطورة والبعيدة المدى، من دون أخذ المصالح الروسية في الاعتبار.

 لكن التصعيد الغربي، الذي وصل في بعض مستوياته إلى ممارسة سياسة حافة الهاوية، لا يبدو أكثر من محاولة لإثبات الذات، بعد أن أصبح الانقسام العالمي حقيقة واقعة، وبعدما بات الغرب يفقد مواقع نفوذه التقليدية في الكثير من مناطق العالم، وبالتالي فالتحديات التي يواجهها الغرب، باتت أكبر بكثير من قدرته على استعادة زمام المبادرة. فالصين التي لا تأبه كثيراً لتهديدات الغرب، حذرت من أنها ستقابل أي تهديدات ب”إجراءات مضادة قوية وحازمة”، وجددت تأكيد أن تايوان تمثل “خطاً أحمر” بالنسبة لها؛ كونها تعد جزءاً من ترابها الوطني، في حين تصّر روسيا على أن مقارعتها للغرب ستتواصل حتى تحقيق أهدافها، وأن من بدأ سياسة “العسكرة” هو الغرب نفسه، ولا مفرّ من إرغامه على التسليم بالنظام العالمي الجديد الذي يتشكل الآن.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …