الرئيسية / مقالات رأي / قمّتان متناقضتان

قمّتان متناقضتان

الشرق اليوم- هل هي مجرد صدفة أن تعقد قمّتان في وقت واحد في شرق آسيا، وعلى مساحة جغرافية تشهد صراعاً جيوستراتيجياً يتحدد فيه مستقبل النظام العالمي، ووفق أجندتين متناقضتين؟

 قمة عقدت، في مدينة شيان الصينية الواقعة في أقصى شرق طريق الحرير، ضمت الصين ودول آسيا الوسطى (كازاخستان وقرغيزستان وتركمانستان وأوزبكستان)، وقمة أخرى عقدت،  في مدينة هيروشيما اليابانية التي تعرضت للقصف النووي الأمريكي عام 1945، للدول السبع الصناعية (الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وكندا).

 في الأولى التي استضافها الرئيس الصيني شي جي بينغ، كانت “الدبلوماسية الناعمة حاضرة” بكل ما تحمله من إيجابيات، على صعيد التعاون والتنمية والاستثمار والمشاريع المشتركة، التي عبّر عنها الرئيس الصيني بالقول “أنا واثق بأن التزامنا المشترك سيجعل من القمة نجاحاً كبيراً، ويدشن حقبة جديدة في العلاقات بين الصين وآسيا الوسطى”، وأضاف “إن الصين تدعو، بصدق، هذه الدول إلى الانضمام إلى قطار تنميتها السريع لنبني معاً مستقبلاً أفضل”، مؤكداً على أمن وسيادة واستقلال دول آسيا الوسطى.

  أما القمة الثانية في هيروشيما، فإن أجندتها تقوم على “القوة الصلبة”، أو الصِّدامية، من خلال جدول أعمال يقتصر على مواجهة كل من الصين وروسيا، ومناقشات “حول ساحة المعركة” في أوكرانيا، وحول “حالة الالتفاف على العقوبات، والخطوات التي ستلتزم بها مجموعة الدول السبع جماعياً بشأن التنفيذ على وجه الخصوص”، حسب جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي.

 والمقصود بالالتفاف على العقوبات، الدول التي ترفض الالتزام بالعقوبات المفروضة على كل من روسيا والصين. إذ من ناقش قادة هذه الدول مواجهة طموحات الصين المتسارعة، اقتصادياً وعسكرياً وتقنياً، وسعيها لاستعادة تايوان باعتبارها جزءاً من الوطن الأم. وقد أفصح سوليفان أكثر عمّا تريده واشنطن من القمة، وهو مواجهة ما أسماه “الابتزاز الاقتصادي” الذي تمارسه الصين من خلال تنويع الإنتاج وشبكات الإمداد، والسعي لتخطي الخلافات بين ضفتي الأطلسي بشأن الموقف الموحد الواجب اعتماده حيال الصين.

  وفي مشهد متناقض للقمّتين، فإن “قمة الصين- آسيا الوسطى” عقدت في مدينة صينية وسط إجراءات أمنية عادية، فيما عقدت الثانية وسط إجراءات أمنية مشددة بمشاركة الآلاف من قوات الأمن، فيما احتشد متظاهرون بجوار أنقاض النصب التذكاري لضحايا القنبلة النووية، وهم يحملون لافتات تندد بالاجتماع، وكتب على إحداها “لا لقمّة مجموعة السبع الإمبريالية”، في مشهد يعكس ما تمثله التظاهرات من رفض شعبي لسياسات الاستغلال والهيمنة والحروب.

فيما الدور الذي تلعبه الصين من خلال التعاون والتنمية وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، إضافة إلى مبادرة “الحزام والطريق”، وبنك التنمية الآسيوي، وسعيها للسلام والمصالحة، يحظى بتقدير معظم دول وشعوب العالم، لأنه يوفر أملاً بالسلام والأمن والتنمية للدول التي تعاني من الفقر وجور الهيئات المالية العالمية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

 قمّتان: واحدة للحرب.. وأخرى للسلام.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …