الشرق اليوم– تمكّنت الطفلة الإسبانية، أدارا بيريز سانشيز، من تطويع مرضها، بمساعدة والدتها، لتتحوّل فيما بعد إلى الطفلة المعجزة التي أبهرت الناس بذكائها، وأصبحت حديث الناس والإعلام حول العالم.
شُخّصت أدارا بمتلازمة أسبرجر حين كانت في الثالثة من عمرها، وتعرّضت للتنمر من رفاقها؛ إلا أن والدتها عرفت، أثناء العلاج، أن معدّل ذكائها أعلى من عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين.
وبفضل هذا الذكاء، حصلت أدارا على الشهادة الابتدائية في عمر الخامسة، والمتوسطة في السادسة، ثم الثانوية في الثامنة. وقبل أن تتمّ عامها العاشر، تسعى أدارا اليوم لنيل شهادتها الجامعية الثانية.. تعالوا نغُص في قصّتها المثيرة للإعجاب.
أدارا بيريز بمعدّل ذكاء أعلى من أينشتاين وهوكينغ
وفق موقع Ladbible، سجلت أدارا 162 نقطة في اختبار معدّل الذكاء؛ أي أعلى من معدلات الذكاء التقديرية بقليل، لكلّ من ألبرت أينشتاين وستيفن هوكينغ، والتي تقدّر بـ160 نقطة (لم يخضعا للاختبار رسمياً).
لكن قبل هذا الاكتشاف، كانت بيريز طفلة تعاني من متلازمة أسبرجر وما يرافقها من مشكلات تتعلق بالتطور والنمو، لا سيما التفاعل الاجتماعي مع الأطفال من العمر نفسه. ومتلازمة أسبرجر هي أحد أنواع الاضطرابات العصبية، المعروفة باسم اضطرابات طيف التوحد (ASDs).
هناك عدة أنواع لاضطراب طيف التوحد، وتعتبر متلازمة أسبرجر واحدة منها، لكنها غالباً ما تكون معتدلة الشدّة مقارنةً بالأنواع الأخرى، بحيث يُظهر المصابون بمتلازمة أسبرجر عادةً 3 أعراض أساسية:
- صعوبة في التفاعل الاجتماعي.
- تكرار السلوك ذاته عدة مرات.
- التمسّك بأفكارهم بحزم، والتركيز على اتباع روتين معين.
ذكرت أدارا مراراً أنها تعرّضت للسخرية في المدرسة، وكان بقية الطلاب يتنمرون عليها ويلقبونها بـ”غريبة الأطوار”. وفي هذا الإطار تروي والدة الطفلة حادثة كانت شاهدة عليها.
تقول نالالي سانشيز، في حديثٍ لمجلة People الأمريكية: “رأيتُ أدارا تلعب في منزلٍ صغير، حيث أقفل رفاقها الباب عليها ونعتوها بغريبة الأطوار، ثم بدأوا يضربون المنزل بالحجارة. لذا، قلتُ إنني لا أود أن أراها تعاني”.
بعد تلك الحادثة، دخلت أدارا بيريز في حالة اكتئابٍ شديدة، ورفضت العودة إلى المدرسة. تؤكد الأم أن معلّمي الطفلة قالوا إنها لم تعد تركّز أو تُبدي أي اهتمامٍ بالدروس والأنشطة، وكثيراً ما تنام. حينها أدركت الأم أن نظام التعليم العادي لم يعد يناسب ابنتها، فاصطحبتها إلى طبيبٍ مختصّ في البداية.
ورغم صعوبة الوضع الاقتصادي للعائلة، أرادت الأم أن تؤمّن مستقبلاً أفضل لابنتها، وساعدها الطبيب في توجيهها إلى بيئة تعليمية مثالية لقدرات أدارا ومواهبها. وبالفعل، سرعان ما نجحت الفتاة الصغيرة في نيل الشهادة الثانوية بعد سنواتٍ قليلة.
تسعى أدارا اليوم للحصول على شهادتها الجامعية الثانية في هندسة النظم عبر الإنترنت، بعدما حصلت خلال شهر مايو/أيار الجاري على شهادتها في الهندسة الصناعية، وإلى جانب ذلك، تلتحق الطفلة بدوراتٍ تعليمية في مجال الفلك وموجات الجاذبية.
تحلم أدارا بيريز أن تصبح رائدة فضاء
قرّرت الطفلة المعجزة أن تكتب مذكرات عن تجربتها، تحت عنوان “لا استسلام”، فاختارتها مجلة Forbes México ضمن قائمة أقوى 100 امرأة في المكسيك في عام 2019.
في ذلك الوقت، كانت تعمل على تصميم سوارٍ، بجزيئات خاصة لمراقبة مشاعر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؛ بهدف مساعدتهم على توقّع النوبات والمشكلات التي قد تقابلهم.
تفهم أدارا جيداً ما الصعوبات التي تواجه هؤلاء الأطفال من واقع خبراتها وتجاربها؛ فهي عندما كانت في الرابعة من عمرها، تعرّضت لنوبة قوية كادت تتسبّب في دخولها حالة غيبوبة، فقدت على إثرها القدرة على تحريك يديها لمدة عام، واضطرت إلى الخضوع لجلسات علاجٍ فيزيائي.
تقول والدتها، السيدة سانشيز: “في ذلك الوقت، كان ستيفن هوكينغ مثال أدارا الأعلى، وكانت تردد دائماً أن إعاقته لم تمنعه من تحقيق إنجازات عظيمة”.
وبعد تعرّضها للتنمر، كان ألبرت أينشتاين بطلها الخاص. تقول الأم: “حين كان أينشتاين صغيراً، لم يؤمن أحد بقدراته. اعتقدوا أن أفكاره حمقاء، لكنه أثبت نفسه مع الوقت، ولهذا تحب أدارا شخصية أينشتاين كثيراً”.
بالإضافة إلى ذلك، منحت جامعة أريزونا مكاناً لأدارا بيريز. وفي الوقت الحالي، تواظب الطفلة على دراسة اللغة الإنجليزية من أجل اختبار الدخول، وتواصل تنمية اهتماماتها بالفيزياء الفلكية. فهي تطمح لأن تصبح رائدة فضاء، وأن تعمل ذات يوم في وكالة ناسا.
ما معدل الذكاء المرتفع؟
تقيس تلك الاختبارات قدرات الأشخاص وإمكانياتهم الفكرية في مختلف المهارات الإدراكية، مثل حل المشكلات والتفكير المنطقي. ونتحدث هنا عن اختبار الذكاء، وليس المعرفة.
يحصل الشخص متوسط الذكاء على 100 نقطة في هذا الاختبار، في حين يُعتبر معدّل الذكاء مرتفعاً مع حصول الفرد على 140 نقطة أو أعلى. ويُثبت ذلك مدى تفرّد أدارا بيريز بحصولها على 162 نقطة.
لكن تذكروا دائماً أن اختبار معدل الذكاء ليس كل شيء. لا يتفق الكثير من الخبراء مع تلك الاختبارات، ولا يعتقدون بإمكانية قياس الذكاء والقدرات الفكرية على الإطلاق. كما أن الاختبارات نفسها ليست دقيقة؛ لأن درجة الشخص قد تتأثر بعوامل مختلفة مثل التغذية والحالة الصحية والثقافة والبيئة المحيطة والمستوى التعليمي.
وبحسب موقع Healthline، فقد كشفت دراسة أجريت في عام 2010 أن متوسط درجات معدل الذكاء في الدول الإفريقية منخفض بشكلٍ عام؛ ما يثير الشكوك حول دقة تلك الاختبارات.
على أي حال، لا تتنبأ درجة الفرد في اختبارات معدل الذكاء بنجاحه في حياته أو في المستقبل. لكن يمكن القول إن ما يميّز أدارا، بالإضافة إلى معدّل ذكائها المرتفع، إصابتها بمتلازمة أسبرجر.
ففي حين يعاني بعض المصابين بأحد أطياف التوحد من مشكلات في تطوير المهارات اللغوية والمعرفية، يبرهن آخرون تفوقهم في عدة مجالات.
وفي كثيرٍ من الأحيان، يكون لدى الأفراد، الذين تم تشخيص إصابتهم بمتلازمة أسبرجر، معدّل ذكاء طبيعي أو أعلى من الطبيعي. وبالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة قادرين على التعلم والعمل بشكلٍ طبيعي.
المصدر: عربي بوست