الشرق اليوم- في الذكرى ال78 لعيد النصر على النازية في الحرب العظمى الثانية التي شهدت عرضاً عسكرياً في الساحة الحمراء في موسكو، بمشاركة مختلف أفرع القوات المسلحة الروسية، ومن بينها منظومة “يارس” التي تعتبر قوة الردع النووي الروسي، ومنظومة الصواريخ المضادة للطائرات “إس 400″، أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن الحرب اندلعت مرة أخرى ضد روسيا، وأشار إلى أن الغرب “يريد تدمير روسيا”، وأن النخب الغربية تُظهر حالة من العداء والكره لبلاده، وأن بلاده تواجه “حرباً حقيقية”، لكن “العالم يشهد نقطة تحول”، مشدداً على أننا “نريد أن نرى مستقبلاً يسوده السلام”.
وإذا كان الخطاب لم يحمل جديداً، لكن الاحتفال بالمناسبة، في حدّ ذاته، وسط الحرب التي يخوضها الجيش الروسي على جبهات عدة، مع أوكرانيا، ومع تعاظم الدعم العسكري الغربي لكييف، والحديث عن “هجوم الربيع” الأوكراني المنتظر، يحمل العديد من الرسائل الرمزية إلى الدول الغربية. فالعرض العسكري كان استعراضاً للقوة، خصوصاً القوة النووية، إضافة إلى ما تضمنه خطاب بوتين من تذكير بأن روسيا هي من هزمت النازية رغم محاولات شطب نتائج الحرب العالمية الثانية، حيث “لم يدخّر الشعب الروسي حياته من أجل تحرير شعوب أوروبا”.
أراد بوتين أن يذكّر الدول الأوروبية خصوصاً، والعالم الغربي عموماً، بأن الفضل يعود لروسيا في تحريرها من النازية، وأنها دفعت من أجل ذلك ثمناً غالياً، وأن محاولة هزيمتها، أو تدميرها لن تتحقق، وأن العالم على أعتاب مرحلة جديدة بدلاً من “نظام السطو والنهب والعنف والقمع، وإملاء القواعد على الشعوب وفرض الإرادة عليها”.
لم يتطرق الروسي إلى مجريات الحرب الحالية، لكنه أكد “إن المعارك المصيرية لشعبنا كانت دائماً مقدسة، ونحن واثقون من الوصول إلى النهايات والنتائج الأخلاقية، ونحن ننحني أمام كل من يقاتل على الجبهة، وسنضمن أمننا”.
وفي “عيد النصر” العام الماضي، أكد بوتين أن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا “كانت ضرورية وفي الوقت الملائم وكانت القرار الصحيح”، ووجّه حديثه إلى الجنود بالقول “أنتم تقاتلون من أجل الوطن ومستقبله، وحتى لا ينتصر النازيون الجدد”. وتذكيره الدائم بالنازيين هو جزء من التعبئة النفسية والسياسية، نظراً لما كانت تشكّله النازية من خطر على وجود الأمة الروسية، وهو من ناحية أخرى، شدّ للعصب القومي الروسي في المواجهة الحالية مع أوكرانيا التي يتهمها “بالنازية الجديدة”.
لم يُشر بوتين إلى أفق للحل السياسي، لكنه تحدث عن “مستقبل يسوده السلام”، وعن “نقطة تحول عالمية”، ما يعني أن الحرب طويلة، لأن أطرافها يريدون “تدمير روسيا”، وأن النهاية في رأيه سوف تكون لعالم جديد متعدد الأقطاب، وهو ما يقصده بنقطة التحول العالمية.