الشرق اليوم- مع تصاعد التهديدات النووية في شبه الجزيرة الكورية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من جهة، وكوريا الشمالية من جهة ثانية، يزداد القلق الاستراتيجي في المنطقة من احتمال خروج الصراع فيها من الحالة الراهنة، إلى مرحلة ينتقل فيها القلق إلى المواجهة، بكل ما يمثله ذلك من أبعاد ونتائج خطِرة على الأمن والسلم الدوليين؛ لأن المنطقة والعالم في الأساس باتا على فوهة بركان جراء الحرب الأوكرانية، والصراع الصيني – الأمريكي حول تايوان.
كما أن عملية الاستقطاب الحالية التي تقودها الولايات المتحدة، من خلال تشكيل أحلاف عسكرية جديدة في المحيط الهادئ، أو إقامة قواعد عسكرية على مقربة من الصين، وكذلك العمل على ضم المزيد من الدول الأوروبية إلى حلف الناتو، بهدف التوسع نحو شرق روسيا بغية محاصرتها، كلها تشكل عوامل تفجير جاهزة، إذا ما خرجت الأمور عن السيطرة.
ويبقى التهديد بالخيار النووي هو الأخطر، خصوصاً عندما يصبح جزءاً من الصراع، ويتم استخدامه كعامل ردع أو وسيلة لتخويف الآخر. ذلك أن مجرد التلويح به يعني أن هناك نية لاستخدامه إذا ما تطوّر الصراع وخرج عن أي قيد.
السلاح النووي يجب ألّا يكون جزءاً من أدوات الصراع، أو جزءاً من اللعبة السياسية؛ لأنه سلاح دمار شامل، يعني نهاية البشرية وكل ما شيدته من حضارة على مدى قرون.
إن التطورات الأخيرة في شبه الجزيرة الكورية، وما تم إعلانه من قرارات بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول، وردود الفعل الكورية الشمالية والصينية والروسية تثير القلق الفعلي، ما يعني أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة من المواجهة مع تصعيد في التحذيرات النووية والإجراءات المصاحبة لها.
فقد أعاد الرئيسان الأمريكي والكوري الجنوبي تأكيد تحالفهما، واتفقا على استئناف زيارات الغواصات الأمريكية المسلحة بأسلحة نووية إلى الموانئ الكورية الجنوبية، وهددا ب”رد ساحق وسريع وحاسم” على أي هجوم نووي كوري شمالي. وقال الرئيس الكوري الجنوبي، إن الرد يشمل الأسلحة النووية الأمريكية. فيما قال الرئيس الأمريكي: “لديّ سلطة مطلقة وحصرية لإطلاق السلاح النووي”. وتحت راية “المظلة النووية” ستقوم الغواصات الأمريكية المسلحة بالصواريخ النووية بزيارة موانئ كوريا الجنوبية لأول مرة منذ العام 1991.
رد الفعل الكوري الشمالي جاء سريعاً، ليس عبر الرئيس كيم جونغ أون، بل عبر شقيقته كيم يو جونغ، التي قالت: “إن بايدن أخطأ في حساباته للغاية، وكان شجاعاً بدرجة غير مسؤولة”، ووصفت تصريحات بايدن ويون بأنها “آمال مستحيلة”، في حين حذرت الصين كلاًّ من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من “إثارة مواجهة” مع كوريا الشمالية، وقالت: “يتعين على جميع الأطراف مواجهة جوهر قضية شبه الجزيرة الكورية، والقيام بدور بناء في تعزيز تسوية سلمية للقضية”. ودعت إلى وقف “الإثارة المتعمّدة للتوترات والمواجهات والتهديدات”. من جهتها دعت موسكو الولايات المتحدة إلى “التخلي عن الخطوات التي قد تزعزع الأوضاع، وتضعف مستوى الأمن في دول العالم”.
الخيار النووي ليس لعبة سياسية.. إنه خيار إبادة شاملة.
المصدر: صحيفة الخليج