الرئيسية / مقالات رأي / إشكالية التطبيع السورية ــ التركية

إشكالية التطبيع السورية ــ التركية

بقلم: محمد السعيد إدريس – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- تكشف محصلة الاجتماع الرباعي لنواب وزراء خارجية روسيا، وإيران، وتركيا، وسوريا الذي استضافته العاصمة الروسية موسكو (4/4/2023)، ومن بعده زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي إلى أنقرة بعد يومين فقط من ذلك الاجتماع ولقائه مع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن هناك تعثّراً في جهود الوساطة الروسية لحل إشكالية تطبيع العلاقات السورية – التركية، رغم دخول إيران كطرف داعم للجهود الروسية؛ الأمر الذي يدفع إلى التفكير في عقد مقارنة بين نجاح الوساطة الصينية في احتواء النزاع السعودي – الإيراني، والدفع بالعلاقات قدماً إلى الأمام.  

   لماذا نجحت الوساطة الصينية في حين تتعثر الوساطة الروسية؟ هل المشكلة في الوساطة نفسها، ووزن الطرف الوسيط بين المتنازعين؟ أم في كثافة القضايا الخلافية مقارنة بنظرة الطرفين السوري والتركي إلى محدودية المصالح التي يمكن أن تتحقق في حالة حل النزاع بينهما؟ وهل يمكن أن تكون أجواء الحراك الدبلوماسي الإيجابي الذي أخذ يفرض نفسه على إقليم الشرق الأوسط منذ الإعلان عن قبول الطرفين السعودي والإيراني الوساطة الصينية وانخراطهما فوراً في عملية تطبيع العلاقات، مروراً بالأجواء الإيجابية الأخرى سواء ما يتعلق بجهود عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، أو مؤشرات وجود تقارب أو على الأقل تفاهمات مصرية – تركية قد تؤدي إلى تطبيع العلاقات بينهما وتحريك ملفات أخرى عالقة مثل ملف الأزمة الليبية، مدعمة لفرضية أن الوقت قد حان لحل النزاع المحتدم بين سوريا وتركيا؟

  الأسئلة كثيرة، لكن يبقى الغموض هو سيد الموقف رغم أجواء التفاؤل التي أثارتها تصريحات أدلى بها وزير الخارجية التركي قال فيها: “إن اجتماعاً رباعياً سيجمعه مع نظرائه الروسي، والإيراني، والسوري قد يعقد في موسكو أوائل شهر مايو المقبل”. لافتاً إلى أن “هذا الاجتماع سيمهد للقاء قادة الدول الأربع في إطار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق”. مشيراً إلى أن “خريطة الطريق كانت مُعدّة سلفاً”، وأن “هذا الموضوع نوقش مع وزير الخارجية الروسي لافروف” في زيارته الأخيرة لأنقرة.

 اللافت أن تحديد موعد أوائل شهر مايو المقبل لإجراء هذا اللقاء سيأتي -في حال حدوثه- قبل أيام قليلة من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية التي ستجري يوم الأحد 14 مايو المقبل، فهل تراجعت سوريا عن موقفها الرافض لحدوث تحرك جاد في ملف التطبيع السوري مع تركيا واللقاء المنتظر للرئيسين بشار الأسد ورجب طيب أردوغان قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية حرصاً على عدم توظيف هذا اللقاء كورقة دعم سياسي له في الانتخابات؟

  وزير الخارجية التركي كان واعياً لخلفيات الموقف السوري؛ لذلك كان حريصاً على أن يقول أن أنقرة “لن تحقق أي مكاسب سياسية” من وراء لقاء الأسد وأردوغان، ولا من أي لقاء على مستوى الوزراء، رغم ذلك فإن التعقيدات ما زالت مستحكمة بين الطرفين، وربما يكون قبول سوريا لاجتماع وزراء الخارجية حلاً وسطاً لموقفها الثابت من رفض حدوث أي لقاء بين الرئيسين قبل إجراء الانتخابات التركية، وربما يكون ذلك لإرضاء الوسيطين الروسي والإيراني، وحرصاً على تأمين زخم دفع التفاوض إلى الأمام، وبحث أجندات الحلول المقترحة للأزمات تهيئةً لاستئنافها بشكل أكثر جدية بعد إجراء تلك الانتخابات. وهنا يجدر التساؤل: هل في حالة فوز الرئيس أردوغان في الانتخابات الرئاسية ستبقى تركيا محافظة على الزخم الراهن أم ستعود إلى تشددها والإصرار على مطالبها لتطبيع العلاقات؟

  الأتراك حريصون على تأكيد أن مسألة العلاقات مع سوريا مرتبطة باعتبارات موضوعية ليست لها علاقة بمسألة الانتخابات الرئاسية، وأن تركيا (المؤسسة) وليس (الرئاسة) ستحسم موقفها إزاء ملف تطبيع العلاقات مع سوريا وفقاً لعنصرين: أولهما: إمكانية الاتفاق مع الحكومة السورية على عودة اللاجئين السوريين، أو على برنامج لتأمين عودتهم بطريقة متفق عليها وخلال سنوات محددة. وثانيهما: البحث في برنامج أمني ميداني مشترك لمواجهة الإرهاب الكردي في المناطق الحدودية بين تركيا وسوريا.

 أجواء الاجتماع الأخير كشفت وجود فجوة كبيرة بين مواقف الطرفين التركي والسوري؛ ففي حين ركّز الوفد التركي على 3 قضايا رئيسية هي: مكافحة الإرهاب، ودفع العملية السياسية في سوريا لمواصلة (مسار أستانة)، وضمان العودة الآمنة والكريمة للاجئين السوريين في تركيا طرح الوفد السوري بدوره 3 مطالب رئيسية هي: ضرورة إنهاء الوجود التركي على الأراضي السورية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …