الرئيسية / الرئيسية / ستراتيجيكس: هل تحقق المتغيرات الإقليمية اختراقًا للأزمة اليمنية؟

ستراتيجيكس: هل تحقق المتغيرات الإقليمية اختراقًا للأزمة اليمنية؟

بقلم: د. شحاتة العربي

الشرق اليوم- نشر مركز “ستراتيجيكس” للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، تقدير موقف، يتناول التقدير الاهتمام الدولي والإقليمي بتحرك سلطنة عمان في الملف اليمني والاختراق الكبير الذي حققه، والذي يطرح العديد من التساؤلات من أهمها: هل تنجح الوساطة العمانية في التوصل إلى تسوية مستقرة للأزمة في اليمن؟ أم أن الأمر لن يتجاوز تسويات مؤقتة سرعان ما تنهار عند أول اختبار أو توتر بين السعودية وإيران؟

أدناه النص كما ورد في موقع المركز:

بعد انتهاء الهدنة التي كانت قائمة بين التحالف العربي وحركة أنصار الله الحوثي في أكتوبر 2022، تحركت سلطنة عُمان بكثافة في الملف اليمني، حيث زار وفد عُماني صنعاء، العام الماضي، عدة مرات بحثاً عن تسوية أو طريق يحول دون تصاعد الأوضاع مجدداً على المستوى العسكري خاصة في ظل تصعيد خطابي حوثي، والكشف عما أطلقوا عليه “مرحلة جديدة” في الصراع وتأكيدهم أنهم غير ملزمين بوقف إطلاق النار.

وبفضل الجهود العُمانية المكثفة للتوسط بين الحوثيين والسعودية، إضافة إلى عوامل واعتبارات أخرى تتعلق بالتحولات الجارية في الإقليم وخاصة في مسار العلاقات بين السعودية وإيران، استطاعت السلطنة تحقيق اختراق غير مسبوق في جدار الأزمة اليمنية منذ عام 2015، فقد ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، أن السفيرين السعودي والإيراني لدى سلطنة عمان جمعهما لقاء في مسقط بتاريخ 10 أبريل 2023، وفي اليوم ذاته جمع لقاء الوفدين السعودي والعُماني، مع قيادات حوثية في صنعاء، وهو اللقاء المباشر الأول منذ انطلاق عملية عاصفة الحزام، لاستعادة الشرعية في اليمن عام 2015.

وعكست الصورة التي جمعت سفير السعودية في اليمن محمد آل جابر والقيادي الحوثي مهدي المشاط، التحول الكبير والنوعي الذي جرى في مسار العلاقات بين الطرفين، وطبيعة رؤية كل جانب للآخر، وهو ما عبرت عنه المفردات التي استخدمها آل جابر في حديثه عن اللقاء، حيث قال في تغريدة على “تويتر” “أزور صنعاء وبحضور وفد من سلطنة عمان الشقيقة بهدف تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار ودعم عملية تبادل الأسرى وبحث سبل الحوار بين المكونات اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام في اليمن. حيث وقفت المملكة حكومة وشعبا منذ عقود مع اليمن في أحلك الظروف والأزمات السياسية والاقتصادية، ولا تزال الجهود الأخوية مستمرة منذ العام 2011 لتحقيق تطلعات أبناء اليمن الشقيق بعودة الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي”.

في حين تشهد إيران هي الأخرى تحركات مماثلة في الملف اليمني، حيث عبرت من خلال وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان، أن قضية اليمن شأن داخلي، وأنها تعمل بالتعاون مع السعودية على تعزيز الاستقرار في المنطقة، وبالتزامن منها لقاء المبعوث الأممي الخاص باليمن بوزير الخارجية الإيراني في 13 مارس 2023، والذي تركز اللقاء على أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية.

ونقلت وكالات، عن خطة مقترحة للسلام في اليمن، والتي تتضمن عدة مراحل؛ تبدأ بإقرار هدنة متجددة لمدة ستة أشهر، وإعادة فتح الطرق الرئيسية ورفع جميع القيود المفروضة على الرحلات الجوية والموانئ، ويلي ذلك فترة انتقالية لمدة عامين تنخرط خلالها الأطراف اليمنية في محادثات سلام ومناقشة نزع السلاح وتشكيل حكومة ومجلس رئاسي جديد وتوحيد البنك المركزي.

وعلى الرغم من أن الدور العماني في الأزمة اليمنية ليس جديداً وإنما هو حاضر بصيغ وأشكال مختلفة على مدى السنوات الماضية، إلا أن التحرك الذي تقوم به مسقط منذ أكتوبر 2022، يحظى باهتمام كبير من قبل الأطراف المعنية سواء من دول التحالف العربي أو الولايات المتحدة أو إيران التي قام وزير خارجيتها بزيارة السلطنة يوم 28 ديسمبر 2022، وذلك بعد يومين فقط من عودة الوفد العماني من زيارة لصنعاء، وذلك في إشارة واضحة إلى الارتباط الوثيق بين الحدثين.

ويعود الاهتمام الدولي والإقليمي بتحرك سلطنة عمان الحالي في الملف اليمني إلى الاختراق الكبير الذي حققه هذا التحرك، وهو ما قابله دعماً كبيرا سواء على مستوى المنطقة أو العالم، حيث يجرى النظر إلى ما يحدث في الملف اليمني باعتباره فرصة كبيرة للسلام لا يجب على كل الأطراف تفويتها أو التفريط فيها.

وهذا يطرح العديد من التساؤلات لعل أهمها: هل تنجح الوساطة العمانية هذه المرة في التوصل إلى تسوية مستقرة للأزمة في اليمن؟ أم إن الأمر لن يتجاوز تسويات مؤقتة سرعان ما تنهار عند أول اختبار أو عند أول توتر بين المملكة العربية السعودية وإيران؟ وإذا كانت الظروف الإقليمية تبدو مشجعة على التهدئة والحوار في اليمن، فهل المعطيات الداخلية على الساحة اليمنية مواتية لتحقيق تسوية؟

عوامل مشجعة

 لا شك في إن هناك الكثير من العوامل التي تدعم التحرك العماني أهمها:

أولاً: التحسن الكبير الذي لحق بالعلاقات بين المملكة العربية والسعودية وإيران بوساطة الصين، والاتجاه إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين الرياض وطهران منذ عام 2016، والدخول في التفاصيل الفنية لفتح سفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد.

وهذا التحول هو أكثر العوامل الدافعة للتسوية في اليمن بالنظر إلى أن تنافس الدولتين كان حاضراً في أركان الأزمة اليمنية منذ بدايتها، ومن ثم فإن الاتجاه نحو تطبيع العلاقات السعودية- الإيرانية سينعكس بالإيجاب، بدرجات متفاوتة.

ثانياً: في ظل العلاقات الوثيقة التي تربط بين السعودية وإيران من جانب والصين من جانب آخر، فإن البلدين ربما لديهما استعداد لمنح الصين انتصارا دبلوماسيا عبر دعم أي تحرك منها لتسهيل التسوية في اليمن، وهو أمر أعلنت بكين أن لديها اهتمام كبير به.

وعليه، فإن تحرك بكين لتطبيع علاقات الرياض وطهران لا يتعلق بالمسار الثنائي فحسب، وإنما يرتبط برؤية الصين للأوضاع في منطقة لها فيها مصالح استراتيجية كبيرة، حيث تقتضي مصلحتها أن يسود الاستقرار والهدوء فيها، خاصة بعد أن تراجع الدور الأمريكي كضامن للأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق فإن الصين تستورد قرابة ثلثي احتياجاتها النفطية من الخليج العربي ومعظم هذه الشحنات تمر عبر مضيق هرمز الذي تتحكم فيه إيران وسلطنة عمان، وتعد الرياض وطهران أكبر مُصدرَين للنفط إليها، بمتوسط 1.7 مليون برميل يوميا بالنسبة للسعودية، و1.4 مليون برميل يوميا بالنسبة لإيران، أي أن نحو ثلث واردات النفط الصينية تأتي من السعودية وإيران.

ثالثاً: هناك سجل لسلطنة عمان الكبير في القيام بالوساطات في أزمات المنطقة، حيث تحظى بثقة من مختلف الأطراف بسبب سياستها المتوازنة على مستوى الإقليم. فعلى الرغم من غياب السلطان قابوس بن سعيد مؤسس سياسة الحياد العماني، فإن خلفه السلطان هيثم بن طارق يسير على النهج ذاته، وهو ما يتضح من علاقاته الطيبة مع مختلف الأطراف المتنافسة والمتنازعة في المنطقة بشكل عام، وفي أزمة اليمن على وجه الخصوص.

رابعاً: يدعم توطيد العلاقات العمانية مع كل من السعودية والإمارات مؤخراً الوضع في اليمن، حيث قام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بزيارة السلطنة نهاية عام 2021، وأجرى رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان زيارة إلى مسقط في سبتمبر 2022. وفي هذا السياق عقد مسؤولون رفيعو المستوى من الحكومة السعودية، وسلطنة عمان، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، اجتماعاً افتراضياً يوم 18 يوليو 2022 لمناقشة الوضع في اليمن.

مع ذلك؛ فإن ذلك التحسن في العلاقات لم يؤثر بالسلب على علاقات السلطنة مع إيران، خلافاً للتوقعات التي ظهرت خلال الفترة الماضية. والأهم من ذلك أن كل الأطراف المعنية وخاصة السعودية وإيران قد أصبح لديها تفهم وقبول لسياسة الحياد العمانية ومحاولة الاستفادة منها بدلاً من مطالبة السلطنة باتخاذ مواقف مؤيدة لهذا الطرف أو ذاك.

خامساً: ثمة دعم من قبل كل الأطراف لدور سلطنة عمان في الملف اليمني، سواء إيران أو السعودية أو الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة ناهيك عن الحوثيين. وهذا يخلق هامشاً كبيراً للحركة لدى السلطنة في الأزمة ويساعدها على التحرك تجاه كل الأطراف. وهذا خلافاً للسنوات الماضية التي كانت تواجه فيها السلطنة اتهامات من قبل بعض الفاعلين في الأزمة بالانحياز إلى أحد طرفي الأزمة. ولعل ردود الفعل المؤيدة للقاء السعودي- الحوثي في صنعاء، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، إنما تعبر عن مدى التأييد الذي يحظى به تحرك سلطنة عمان في هذا الملف المعقد.

سادساً: يُضاف إلى ما سبق، أن الحوثيين وعلى الرغم من الشروط التي يطرحونها وتهديداتهم السابقة باستئناف العمل العسكري وكسر حالة الجمود في الأزمة، فإنهم وعلى مدى شهور من انتهاء الهدنة العسكرية في أكتوبر الماضي، لم يقدموا على تنفيذ تهديداتهم. وهذا من وجهة نظر بعض المراقبين دليل على عدم رغبتهم في التصعيد العسكري أو عدم رغبة حليفتهم طهران في ذلك، خاصة أن الأخيرة تواجه ضغوطا على المستويين الداخلي والخارجي.

عوامل معاكسة

 على الرغم مما سبق، فإنه لا يمكن تجاهل العديد من الاعتبارات أو العوامل المعاكسة في اليمن لعل أهمها:

1- تعقيدات الوضع الداخلي؛ فعلى الرغم من إن الحوثيين يسيطرون على العاصمة صنعاء ويتحكمون في المؤسسات هناك، إلا أن هناك قوى وأطراف أخرى لها مطالبها ووجهات نظرها وتطلعاتها التي يمكن أن تعيق التوصل إلى تفاهمات في البلاد خلال الفترة المقبلة، وتبرز في هذا الخصوص القوى الجنوبية، وعدد من التيارات السياسية والقبلية الأخرى. الذين اتسم بعضهم بعلاقاتهم مع الحوثيين بتوتر أو بمواجهات عسكرية عدة بينهم منذ 2011.

2- شروط الحوثيين: حيث تطرح جماعة أنصار الله الحوثي شروطاً للتهدئة أو التسوية توصف بأنها شروط “مبالغ فيها ومستحيلة ولا يمكن تلبيتها”، وفي مقدمة هذه الشروط: تقاسم عائدات النفط والغاز التي يتم استخراجها من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، ودفع رواتب الموظفين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وغيرها من المطالب والشروط التي تريد جماعة الحوثي من ورائها خلق واقع تقسيم للسلطة والموارد ومناطق السيطرة مع الحكومة الشرعية باعتراف دولي وإقليمي.

بل إن أطرافاً في جماعة الحوثي عمدت إلى التلويح باستئناف العمليات العسكرية في وقت تواجد الوفد السعودي- العماني في صنعاء، حيث قال القيادي في الجماعة الحوثية محمد البخيتي في تغريدة على تويتر “إذا لم تنجح المفاوضات الجارية في صنعاء بوساطة عمانية فإن هذا يعني عودة الحرب بين طرفي الصراع بشكل أكثر ضراوة”.

3- مشكلة الإدراك المتبادل؛ وهي معضلة كبيرة أمام مسار الحوار في اليمن؛ حيث يدعي الحوثيين أن السعودية هي “الطرف المعتدي” وأن عليها أن تراجع موقفها وتقدم التنازلات بل ربما تجري المطالبة بتعويضات كذلك، وثمة إدراك ربما يكون مترسخاً لدى الحوثيين وهو اعتقادهم بتراجع رغبة أو إرادة التصعيد العسكري لدى التحالف العربي، وهذا سوف يجعلهم يتمسكون بمطالبهم دون قلق من استئناف كبير للعمليات العسكرية للتحالف ضدهم. على الجانب الآخر فإن المملكة العربية السعودية لديها إدراكها الخاص للموقف؛ حيث ترى أن التهدئة والحوار والسلام هو مصلحة حوثية في المقام الأول، لأنه سيتيح لها إعادة تجميع صفوفها، والمخاوف من استخدام أموال إعادة الإعمار لأغراض التسلح والعسكرة، كما أنها المستفيد من النزاع المشتعل منذ نحو ثماني سنوات.

فضلاً عما سبق فقد جرت ترتيبات خلال الفترة الماضية بمشاركة قوى إقليمية والولايات المتحدة لضبط الأمن في البحر الأحمر وخليج عدن وحماية الملاحة فيهما، وهذا يقلل من تأثير ضغط الحوثيين وإيران عبر التهديدات باستهداف الملاحة في البحر الأحمر.

في هذا السياق تجدر الإشارة إلى “قوة المهام المشتركة رقم 153” التي أنشئت خلال انعقاد مؤتمر جدة للأمن والتنمية الذي انعقد بالمملكة العربية السعودية يومي 15 و 16 يوليو 2022 وحضره الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث تتولى هذه القوة، تأمين المنطقة من مضيق باب المندب وصولاً إلى قناة السويس، ومن خليج عدن إلى مضيق هرمز، ومنع الاختراقات الإيرانية في هذه المنطقة الحيوية، وضمان استمرار تدفق إمدادات الطاقة والغذاء عبر مضيق باب المندب وقناة السويس، ومنع وصول الأسلحة والذخائر الإيرانية إلى الحوثيين في اليمن عبر ميناء الحُديدة، إضافة إلى حرمان إيران من ممارسة الأنشطة العدائية التي تستهدف دول الخليج أو استهدافها للسفن التجارية في المنطقة.

 كما تدرك الرياض أن إيران، الحليف الرئيسي للحوثيين، لديها أزمة كبيرة في علاقاتها مع الغرب بسبب تعثر مفاوضات الملف النووي، إضافة إلى التوترات مع اسرائيل التي يمكن أن تتحول إلى مواجهة مباشرة في وقت ما، وهو ما يجب أن يدفع طهران إلى المرونة في العلاقة مع الرياض بشان الملفات الخلافية وفي مقدمتها الملف اليمني.

 أي أن كلا الطرفين ينتظر التنازلات من الطرف الآخر، ويعتبر إنه مأزوم وفي موقف صعب.

4- خصوصية الورقة الحوثية لدى إيران؛ حيث استثمرت إيران على مدى سنوات طويلة في الورقة الحوثية، وذلك منذ عهد الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، ولذلك فإنها ستعمل بكل قوة على الاحتفاظ بها وعدم التفريط فيها.

ومن ناحية ثانية فإن هذه الورقة بالنسبة إلى طهران لا تتعلق بعلاقاتها مع السعودية فحسب، وإنما في صراعها الأوسع مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وفي ظل تعثر مفاوضات إحياء الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الكبرى وتراجع آمال نجاحها، فإن الأوراق الإقليمية لطهران، ومن ضمنها الورقة الحوثية، تزيد أهميتها بشكل كبير، لممارسة الضغط في مواجهة الولايات المتحدة، خاصة مع تراجع أو ضعف الأوراق الأخرى.

ويعزز من الورقة الحوثية لدى طهران، أن الحوثيين لديهم القدرة، أكثر من غيرهم من القوى المدعومة من إيران، على إثارة التوتر في المنطقة ولفت الانتباه وتوصيل الرسائل الإيرانية إلى مختلف الأطراف.

5- حاجز الثقة؛ إذ تعاني علاقات السعودية مع الحوثيين من أزمة ثقة عميقة بسبب الحرب الطويلة منذ عام 2015، والأمر نفسه ينصرف إلى علاقات القوى والأطراف اليمنية ذاتها ببعضها ببعض. وهذه الأزمة يمكن أن تعرقل المفاوضات بين الجانبين في أي وقت.

وعلى الرغم من وجود سلطنة عمان كطرف وسيط، فإن السلطنة قد لا تكون ضامناً على استمرار الحوثيين في أي اتفاقات يجري التوصل إليها ناهيك عن احترامها والالتزام بها.

ومن هنا فإن أي اتفاقات أو تسويات بين السعودية والحوثيين أو بين الأطراف اليمنية نفسها، ربما تحتاج إلى ضمانة قوية من قبل طرف دولي أو قوة دولية كبرى، وهذه القوة غير متوفرة حتى الآن، وربما تكون الصين في المستقبل، وفي هذه الحالة يمكن أن تساعد الضمانة الدولية في صمود التسويات التي يجري التوافق حولها.

6- مستقبل التفاهمات الإقليمية؛ وبشكل خاص التفاهمات بين السعودية وإيران التي كانت السبب الرئيسي الذي فتح الباب أمام التطورات الإيجابية في مسار العلاقات بين الرياض والحوثيين. فعلى الرغم من المؤشرات الإيجابية في هذا المسار والاتجاه الصاعد نحو عودة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، فإن احتمالات تراجع هذه العلاقات تبقى قائمة، خاصة في ظل التعقيد الكبير الذي يميز ملفات الخلاف بين البلدين من ناحية، والسوابق التاريخية للتقارب بينهما من ناحية أخرى، والتي تشير إلى أن خطوات التفاهم والتقارب بينهما مهما كانت كبيرة لم تمنع في الماضي من عودة العلاقات إلى نقطة الصفر من جديد.

وفي حال حدوث أي تراجع لمسار التقارب السعودي الإيراني، فإن هذا سينعكس بشكل مباشر على مسار الحوار السعودي  الحوثي في اليمن.

وأخيراً؛ في ضوء ما سبق يمكن القول، أن الحوار المباشر بين السعودية والحوثيين يمثل اختراقاً كبيراً وغير مسبوقاً في مسار الأزمة في اليمن، خاصة وأنه مدعوم بتطور إيجابي في العلاقات السعودية الإيرانية، لكن الأزمة في اليمن تتسم بدرجة كبيرة من التعقيد والتشابك بحيث لا يمكن توقع حلها أو اتجاهها نحو الحل بمجرد تحسن نسبي في العلاقات بين الرياض وطهران أو حدوث حوار مباشر بين السعودية وجماعة الحوثي.

 وعلى الرغم من المؤشرات الإيجابية في اليمن، فإن العودة إلى نقطة الصفر تبقى احتمالاً ممكناً في أي وقت، في ظل ما تشهده المنطقة كلها من حالة سيولة وتحولات سريعة ومفاجئة في المواقف والتحالفات والتوجهات والعلاقات.

شاهد أيضاً

ارتفاع تحويلات المغتربين الأردنيين بنسبة 3.2% في أول تسعة أشهر من العام الجاري

الشرق اليوم– أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي الأردني، اليوم الأحد، أن تحويلات المغتربين الأردنيين …