الشرق اليوم- خلال مسيرة جماعة الإخوان الطويلة في السودان وغيره من الدول التي تواجدت فيها كان دورها هو نشر الفوضى والتآمر والإرهاب والعنف، ورفض الدولة، وتكفير الآخر والاصطدام مع المجتمع، والعمل السري بانتظار الخروج إلى العلن من أجل الوصول إلى السلطة بأي ثمن، حتى لو كان العمل مع قوى أجنبية من منطلق أن الغاية تبرر الوسيلة، وبالتالي ليس عيباً اللجوء إلى أي خيار يخدم هدفها في الوصول إلى السلطة.
مارست جماعة الإخوان هذا الدور في مصر وفشلت، ولم تصمد أمام ثورة شعبية عملت على اجتثاثها بدعم من قواتها المسلحة. وفي السودان مارست هذه الجماعة السلطة طيلة ثلاثين عاماً مع نظام عمر البشير وحسن الترابي، وكانت سنوات عجافاً، ومن أقسى وأمرّ ما عاشه الشعب السوداني في تاريخه، إلى أن هبّ السودانيون في انتفاضة دامت عدة أشهر، وانتهت بانتصار الإرادة الشعبية عام 2019، وسقوط نظام البشير.
كان من المفترض أن تكون نهاية عهد الإخوان بداية لقيام سودان جديد، ينعم بالحرية والديمقراطية، ويرفل في الرخاء والحياة الكريمة والتنمية التي يستحقها نظراً لثروات البلاد الهائلة التي حرم منها طيلة عقود بعدما تعرض لنهب وفساد مستطير أتى على الأخضر واليابس.
لكن السفينة جرت بما لا تشتهي رياح الثورة، ولم يتحقق حلم الحرية ولا الديمقراطية ولا العدالة الاجتماعية ولا الدولة المدنية، بل انجرف السودان إلى صراع بين المدنيين والعسكر، ثم فشلت كل الجهود للتخلص من إرث الإخوان وفلولهم التي حافظت على مواقعها في مختلف مؤسسات الدولة، وظلت تمارس لعبتها الخبيثة في بث الفوضى.
مؤشرات كثيرة سبقت ورافقت المعارك الطاحنة الجارية بين الجيش و”قوات التدخل السريع” تؤكد أن أصابع جماعة الإخوان ليست بعيدة عما يجري، فهي صاحبة المصلحة الأولى في هذا الصراع، وفي الفوضى الناجمة عنه وعن تداعياته، بمعزل عما قد يتأتى من كوارث قد تهدد وحدة البلاد، طالما أن الغاية هي استعادة السلطة بأي ثمن، وأياً تكن الوسيلة.
ما تؤكده المعلومات أن جماعة الإخوان ليست بعيدة عن نسج خيوط المواجهات الجارية الآن، وأنها لعبت دوراً في تأجيج الصراع بين الجيش و”قوات التدخل السريع” لوأد “الاتفاق الإطاري” الذي كان من المفترض في حال تنفيذه أن ينقل السودان إلى مرحلة جديدة تماماً قد تشكل نهاية لجماعة الإخوان، في حال تم تنفيذ البند الذي يدعو لذلك.
من بين الأدلة على دور الجماعة، التهديدات التي أطلقها الشهر الماضي الأمين العام المكلف للتنظيم علي كرتي، وقوله بأن تنظيمه “لن ينتظر طويلاً بعد الآن”. وتلاحقت التهديدات بعد ذلك خلال إفطارات رمضان التي نظمتها الجماعة في العاصمة السودانية، وحمل خلالها الخطباء على “الاتفاق الإطاري”، واستبعادهم منه، إضافة إلى التحريض على القوات المسلحة.
ولأن جماعة الإخوان فقدت خياراتها السياسية، وتواجه رفضاً شعبياً واسعاً، فإن أفضل فرصة لها كي تحاول الخروج إلى الساحة مجدداً تتمثل في حالة الاحتراب الداخلي والفوضى بانتظار الوقت المناسب للانقضاض على الوضع.
المصدر: صحيفة الخليج