الرئيسية / الرئيسية / دمشق في حضن القاهرة

دمشق في حضن القاهرة

الشرق اليوم- تسجل زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى القاهرة ولقاؤه نظيره المصري سامح شكري خطوة إضافية باتجاه إحياء التضامن العربي وإنهاء الأزمات وتجاوز الأخطاء واستعادة التوازنات المختلة وتصحيح المعادلات الاستراتيجية والمفاهيم المغلوطة في المنطقة، تمهيداً لفتح صفحة جديدة لعلها تأتي بالأفضل للأجيال المقبلة وتجبّ الخيبات المريرة التي عاشها كثير من العرب في السنوات القليلة الماضية.

لقاء المقداد وشكري يستعيد تاريخاً من التنسيق السوري المصري على مدى عقود، كما يؤشر إلى أن عودة دمشق إلى حضن القاهرة، ومن ثم إلى البيت العربي، بعد سنوات من القطيعة، أصبحت حقيقة وهدفاً يسعى الجميع إلى تحقيقه بأسرع وقت لتدارك ما فات من فرص، ومعالجة ما خلفته المؤامرات من مشاعر سلبية بالرغبة الصادقة في تجاوز كل ذلك. وإثر الزلزال المدمر قبل أقل من شهرين، كانت الهبة العربية للتضامن مع سوريا، قيادة وشعباً، لحظة تجلت فيها مشاعر الأخوة المخلصة، وبرهنت أن الأشقاء لا يفرط بعضهم في بعض ويتلاحمون زمن الشدائد. وفي غمرة التضامن ذاك، سارعت كل الدول العربية، وفي صدارتها الإمارات، إلى تقديم المساعدات لكل المناطق المنكوبة في سوريا، وأيضاً في جارتها تركيا. وقامت وفود عربية رفيعة المستوى بزيارة دمشق، بينما زار الرئيس السوري بشار الأسد دولة الإمارات العربية المتحدة وقبلها سلطنة عمان، وسط توقعات بأن هذه المبادرات الإيجابية ستتسارع في الأسابيع المقبلة، وربما تتمخض زيارة المقداد إلى القاهرة عن تأكيد قمة سورية مصرية يجري الترتيب لها بعد عيد الفطر.

في ظل هذه التطورات الإيجابية، آن لهذه المنطقة أن تتنفس، وتنسى أكثر من عشر سنوات من الانقسامات والشحن الطائفي والحروب الأهلية والإرهاب والتدخلات الأجنبية التي سعت إلى تأزيم الأوضاع خدمة لمصالحها. وفي مرات عديدة كانت منطقتنا على شفا كوارث كبرى استطاعت أن تنجو من جميعها بأعجوبة، ولكنها فترات عصيبة خلفت آلاماً كبرى تنفع أن تكون أساساً لمرحلة جديدة بكل المعاني والتفاصيل والتوجهات، من أجل تحقيق المصالحة الإقليمية والذود عن المصالح الجماعية للمنطقة، بعد أن تبين أنه لا سبيل إلى الاستقرار وتحقيق رفاه الشعوب إلا بمد جسور التعاون وبناء الثقة وتعزيز قيم الخير والأخوة.

الدروس البليغة، التي خلفتها سنوات الفوضى بسبب ما يسمى “الربيع العربي” كانت بليغة، والأثمان التي دفعها عدد من الشعوب العربية كانت فادحة جداً، كادت فيها بعض الدول أن تنهار وتصبح غنيمة لقوى الإرهاب والظلامية. وتجاوز ذلك يتطلب تحصين العمل العربي المشترك وإعادة تفعيل التضامن والتكامل، والتسلح بوعي جديد يعيد رسم العلاقات العربية على أساس المصلحة المشتركة والمصير الواحد، حتى لا تتكرر المآسي التي عاشها هذا الجيل وسيعانيها لسنوات لاحقة.

هذه لحظة عربية فارقة تولد بوعي جديد يتسلح بالعقلانية والنزاهة والثقة، ولا ينجر خلف الشعارات والعواطف كما كانت التجارب الماضية. وعودة التواصل مع دمشق، وتنقية الأجواء مع الجوار العربي والإقليمي، بما فيه إيران وتركيا، عوامل ترفع منسوب الأمل بأن يكون الآتي واعداً بكل ما يحفظ مستقبل العرب أجمعين ضمن مصير واحد لا يقبل التجزئة.

المصدر:صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …