الشرق اليوم– تحولت قضية تفجير أنابيب “نورد ستريم”، التي تنقل الغاز الروسي المسال إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، خلال الصيف الماضي، إلى ساحة مواجهة جديدة بين روسيا والدول الغربية، من جرّاء الغموض الذي يكتنفها، ومحاولات التستر على الفاعل، على الرغم أن من قام بهذا الفعل لا يمكن أن يكون إلا دولة، لديها القدرات الفنية واللوجستية، والإمكانات التي تمكّنها من تحديد المكان، والغوص في عمق البحر.
اللافت أن هذه الدول ترفض مطالب روسيا؛ المعنية مباشرة بالأنابيب، بالمشاركة في التحقيقات التي قالت إنها تجريها في عملية التخريب، ووعدت بإعلان النتائج بعد الانتهاء من التحقيقات. وأعلنت السويد والدنمارك اللتان وقعت التفجيرات في منطقتيهما الاقتصاديتين الخالصتين سابقاً أن التفجير تم عمداً من دون تحديد الفاعل. إلا أن روسيا تشكك في هذه التحقيقات، وتقول: إنها عرضت على الدنمارك تشكيل مجموعة دولية من الخبراء، وإجراء مسح لخطوط “نورد ستريم”، لكنها تلقت “ردوداً غامضة”، ثم أعلن وزير خارجية الدنمارك لارس لوكه راسموسن أن بلاده لن تقبل بمشاركة موسكو في التحقيقات.
محاولة تمييع قضية التفجير، دفعت موسكو إلى تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن ناقشه، أمس الأول الاثنين، يدعو جميع الدول بما فيها الدنمارك والسويد وألمانيا إلى تشكيل لجنة دولية، لإجراء تحقيق دولي شامل وشفاف ومستقل في جميع جوانب العمل التخريبي على أنابيب الغاز، وتحديد الجناة والجهات الراعية والمنظمة والمتواطئين. ويعطي أمين عام الأمم المتحدة مهلة 30 يوماً، لتقديم تقرير إلى مجلس الأمن حول آلية إنشاء اللجنة المذكورة.
لكن مشروع القرار المذكور تم إجهاضه، ولم تصوت عليه سوى روسيا والصين والبرازيل، بينما امتنع أعضاء المجلس ال12 الآخرون عن التصويت؛ إذ كان يحتاج إلى تسعة أصوات على الأقل، شريطة ألا تستخدم أي من الدول الخمس الأعضاء الدائمين حق النقض (الفيتو) ضده. ولو أن مشروع القرار حصل على الأصوات المطلوبة، لكانت الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا، لجأت إلى “الفيتو” لإجهاضه. الأمر الذي دعا السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إلى القول: “أعتقد أنه بعد التصويت اليوم، باتت الشبهات واضحة حول من يقف وراء التخريب”.
يشار إلى أن الصحفي الأمريكي الاستقصائي المعروف سيمور هيرش كان قد تحدث عن دور الولايات المتحدة المباشر في عملية التخريب، وأن غواصين أمريكيين وضعوا متفجرات تحت خطوط الأنابيب في صيف عام 2022، ثم عاد هيرش قبل يومين ليؤكد أن “معلوماته صحيحة مئة في المئة”، وأن الرئيس الأمريكي بايدن هو من “أمر بتفجير خط الأنابيب”، وقال هيرش: إنه “يلتزم بعدم ذكر مصادره من أجل حمايتهم”.
يذكر أن الإدارة الأمريكية كانت قد عدّت عملية التفجير “عملاً إرهابياً”. لكن السؤال هو، إذا كانت الولايات المتحدة صادقة في توصيفها بأن التفجير “عمل إرهابي”، وأنها بريئة، وتسعى إلى الحقيقة، فلماذا ترفض تشكيل لجنة دولية مستقلة، وتحقيقاً شفافاً؟ ولماذا عمدت إلى إحباط مشروع القرار؟
يبدو أنها تخشى مما قد يتم الإعلان عنه، وتحاول التستر على فعلتها، وتكون معلومات سيمور هيرش بالتالي صحيحة، وهي على الأغلب صحيحة.
المصدر: صحيفة الخليج
نورد ستريم
الغاز الروسي
الدول الغربية
الشرق اليوم