الرئيسية / مقالات رأي / أوروبا التي تعاني

أوروبا التي تعاني

الشرق اليوم- يعاني المسلمون في أوروبا خلال شهر رمضان، كما هو حال معظم الأوروبيين، من الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية، وعدم القدرة على تلبية المتطلبات الحياتية الأخرى بسبب ارتفاع التضخم جراء تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية التي ألقت بثقلها على كاهل الأوروبيين، ما أدى إلى تفاقم الوضع الاجتماعي بشكل غير مسبوق، وتنظيم تظاهرات في العديد من الدول الأوروبية احتجاجاً على الغلاء وسوء الأوضاع الحياتية الذي أصاب أصحاب الدخل الضعيف والمتوسط، والدعوة إلى وقف الحرب، وعدم انخراط معظم الدول الأوروبية فيها.

 لم تكن أوروبا بحاجة للوصول إلى هذه المرحلة من الانفجار الاجتماعي الناجم عن الحرب الأوكرانية لولا انجرار القيادات السياسية فيها وراء الموقف الأمريكي تحقيقاً لمصلحة الإدارة الأمريكية، وبما يتناقض مع مصالح الشعوب الأوروبية التي يتم الآن تدفيعها ثمن حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل.

 كان من المفروغ منه اعتبار ارتفاع التضخم وتقلبات الأسواق المالية أمراً مسلماً به للوصول إلى هذه المرحلة، فالانجرار إلى الحرب وضخ مليارات اليوروات فيها لا بد أن يؤثر بشكل سلبي في الأوضاع الاقتصادية والمالية، ومع ذلك فإن القيادات الأوروبية رضخت للضغوط الأمريكية ووافقت على الانخراط في الحرب، رغم أن بعضها كان منهكاً في الأساس جراء جائحة كورونا وتداعياتها، لتجد نفسها تحت وطأة الحرب أمام تضخم غير مسبوق، وأزمة طاقة، وتباطؤ في النمو الاقتصادي.

 لم تكن أوروبا بحاجة إلى كل ذلك لو لم يتم اقتيادها إلى الحرب عنوة وتدفيعها جزءاً كبيراً من تكاليفها. إذ يقدّر تحليل لمركز أبحاث بروغيل الأوروبي أن أوروبا أنفقت خلال العام 2022 وحده قرابة 800 مليار يورو بهدف مساعدة شعوبها للتغلب على ارتفاع كلفة المعيشة ومعدلات التضخم.

 فبريطانيا مثلاً تعاني أسوأ أزمة كلفة في المعيشة، ومن المتوقع أن تكون الدولة الوحيدة من بين مجموعة الدول السبع التي تواجه انكماشاً اقتصادياً، وفقاً لصندوق البنك الدولي. إذ بلغ التضخم فيها نسبة 10.1%، إضافة إلى زيادة فلكية في أسعار المواد الغذائية التي ارتفع بعضها بشكل مضاعف مثل اللحوم والفواكه والخضروات والطاقة.

 وفي فرنسا التي تشهد تظاهرات أسبوعية على وقع قرار تعديل سن التقاعد، فقد بلغ معدل التضخم 5.2 في المئة، وارتفعت أسعار الطاقة وحدها23.1 في المئة و6.8 % في أسعار المواد الغذائية، وارتفعت أسعار اللحوم إلى أكثر من 15 في المئة. وكذلك الأمر في ألمانيا التي تعاني هي الأخرى من التضخم وارتفاع الأسعار، حيث انعكست تداعيات الحرب على الاقتصاد الألماني بنحو 160 مليار يورو، وزادت الأسعار  9.2 في المئة خلال الأشهر القليلة الماضية، وفي إسبانيا ارتفعت الأسعار من 5.9 في المئة إلى 8.1 في المئة.

 أوروبا تعاني، لأنها وقعت ضحية حرب ليست حربها.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …