بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- لا مخرج قريباً من أزمة الصراع الروسي الأوكراني، استناداً إلى التفاصيل العسكرية المتداعية في الميدان، وإلى الآثار السياسية الآخذة في التفاقم ربما بأكثر مما تصور أطراف المواجهة.
ما روّجت له موسكو في البداية ولا تزال تحافظ على وصفه بالعملية العسكرية، لم يعد كذلك، ولم تستطع الآليات الروسية تنفيذه بضربات خاطفة تُبدّل وقائع على الأرض، وتترجمها إلى واقع سياسي تغيب عنه الطبقة السياسية المهيمنة في أوكرانيا، وبذلك ينتهي الخطر الذي اقترب من الحدود الجيوستراتيجية لروسيا، كما تتصورها. طالت «العملية العسكرية» بالتعبير الروسي، أو الحرب على الشعب الأوكراني حدّ الإبادة بوصف كييف ومن خلفها، أو النزاع أو الأزمة، حسب القابضين على موقف محايد متوازن غايته الرهان على العقل، ومطلبه الاحتكام إلى كل ما يعيد الاستقرار إلى العالم الذي انجر رغماً عنه إلى مجرياتها وتداعياتها، وأصبح بفعلها مهدّداً في أمنه وطعامه.
ما حدث هو أن الأزمة طالت وبلغت عامها الأول يرافقها تسخين متبادل، وفي الشهر الأول من العام الثاني تأخذ هذه الأزمة أبعاداً أوسع في قلبها احتكاك جوي تكتيكي بين روسيا والولايات المتحدة فوق البحر الأسود، واعتزام عواصم في «الناتو» تزويد أوكرانيا بطائرات، ومطالبات داخل أمريكا بمنح كييف طائرات «أف 16».
وبعد اللقاء المنتظر بين الرئيسين الصيني والروسي، ربما تبرز ملامح أخرى للأزمة في أوكرانيا والتي هي في الأصل مكمن المواجهة بين الأقطاب الرئيسية في العالم. وليس مستبعداً أن تمعن الأزمة في الخروج عن سيطرة أطرافها بأزيد مما حدث، بعد أن استقر في يقين الروس أن «العملية العسكرية» تحولت إلى صراع واسع مع حلف «الناتو» كاملاً.
لا شك في أن روسيا تتعامل مع إعلان أي دولة في الحلف منح كييف سلاحاً أياً كانت فاعليته أو جدوى استخدامه وكلفته على أنه تطويل لأمد الصراع الذي لم تحقق منه الولايات المتحدة أيضاً، حتى الآن، ما أرادت.
إذا كانت موسكو لم تجن ثمار عمليتها العسكرية التي لم تعد خاطفة، وتعترف بتحوّلها إلى مواجهة شاملة مع «الناتو»، فإن العقوبات لم تفلح في صدّ روسيا عن توسيع عملياتها العسكرية، ولم تنل من قوة بوتين، ولا غلّت يده المؤثرة في قضايا رئيسية في الشرق الأوسط. قناعة «الكرملين» التي جاءت على لسان ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية، هي أن الحلف «بذل جهداً غير مسبوق من أجل تسليح أوكرانيا وعزل موسكو، وهذا الأمر أدى إلى إطالة أمد العملية العسكرية الخاصة».
وما بُذل ويبذل من أجل جرّ دول «الناتو» إلى التورط في الصراع نيابة عن الولايات المتحدة «لن يثني روسيا عن تحقيق أهدافها»، وفق بيسكوف.
إذاً نحن أمام ذروة تتشكل للصراع لا يبدو أن بعدها انفراجة وشيكة على طريقة الدراما، وسط مطالبات من أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي بإرسال «أف 16» إلى كييف لقلب معادلات الاشتباك، فروسيا لا شك تتجهز لأي تحول