بقلم: وليد عثمان – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- لم تزد الصين ميزانيتها الدفاعية للعام الجاري كثيراً عنها في 2022، فقد ارتفعت من 7.1 إلى 7,2%، لكنها الأعلى نسبة منذ 2019. وإقرار البرلمان الصيني، الأحد، ما يساوي 225 مليار دولار لنفقات الدفاع، رآه مسؤولون صينيون أنه رقم مناسب ومعقول لما تواجهه البلاد من تحديات أمنية وصفوها بالمعقدة، وما تلتزم به من مسؤوليات تليق بدولة رئيسية في العالم.
وإن كانت بكين تصّر على أن هذه الزيادة دفاعية تنبع من ارتباط الصين الوثيق بمستقبل العالم من غير أن تشكل تهديداً لأية دولة، فإنه لا يمكن فصل الأمر عن المواجهة الدائرة بين الصين والولايات المتحدة، ومن خلفها قوى آسيوية في مقدمتها تايوان.
والمؤكد أن مناوشات ستلي هذه الزيادة التي ترفع بلا شك منسوب القلق الأمريكي من التحركات الصينية، وهي تحركات تمثل في مجملها رداً على توسع الولايات المتحدة في المجال الآسيوي في محاولة لترويض الصين، أو تهديدها، وإعادة بناء التوازن في العلاقة معها.
هذه الزيادة ستراها الولايات المتحدة تهديداً لنفوذها وحلفائها في آسيا، خاصة أن الأرقام الصينية محل شك، وتأكيد بكين عدم تهديدها أية دولة في جوارها أو خارجه، لا تقف واشنطن عنده كثيراً، أو لا تتعامل معه بجدية.
المقلق في الأمر، أن الزيادة في ميزانية الدفاع الصينية، وإن لم تكن كبيرة مقارنة بها في العام الماضي، قد تخفي نذر نزاع قريب لا تريد بكين أن تخرج منه خاسرة، أو على الأقل، هو رسالة للولايات المتحدة وحلفائها في آسيا بالجاهزية لكل الاحتمالات.
تواجه الصين مبكراً -مستفيدة مما تواجهه روسيا- أية رغبة قد تتحول إلى فعل لتطويقها انطلاقاً من قضية تايوان، أو غيرها من حلفاء الولايات المتحدة في آسيا الذين ترتكز في علاقاتها بهم على الدعم الدبلوماسي التجاري والأمني، سعياً لما يسمى “إعادة التوازن” لعل في زيادة الميزانية الدفاعية رداً مختصراً يربك الإنفاق الأمريكي على بناء توازنات القوى في آسيا، أو ما وصفه مراقبون ب”ناتو آسيوي”، ويؤكد صلابة بكين في مواجهة هذه التوازنات وفي أي نزاعات مستقبلية.
الرد الأمريكي الطبيعي، والمنتظر أن يزيد الفجوة مع الصين، سيأتي من جبهة تايوان التي شهدت في السنوات الثلاث الماضية، نشاطاً عسكرياً صينياً حذراً ومحسوباً، في مواجهة ضغوط واشنطن.
وقضية تايوان كانت حاضرة في جلسة البرلمان الصيني الذي أقر زيادة الميزانية، ففي الجلسة قال، لي كه تشيانغ، رئيس الوزراء: “إن بكين تتمسك بمبدأ صين واحدة” الذي ينص على أن تايوان جزء من الصين.
ويتعين على الحكومة تنفيذ “سياسة حزبنا لحل قضية تايوان، واتخاذ خطوات حازمة لمعارضة استقلال تايوان وتعزيز إعادة التوحيد. علينا تعزيز التنمية السلمية للعلاقات عبر المضيق ودفع عملية إعادة التوحيد السلمي للصين”.
ولم تتأخر تايوان في الرد على ذلك بمطالبة الصين باحترام سيادتها، ولن تغيب الولايات المتحدة بالطبع، كثيراً، عن المشهد بمزيد من التسخين.