الشرق اليوم- في مواجهة الحرب الأوكرانية التي تتجه نحو المزيد من التصعيد والخروج على قواعد الحروب التقليدية بكل ما تحمله من كوارث محتملة على البشرية، خصوصاً إذا ما تم اللجوء إلى الخيار النووي، فإن شعوب العالم معنية الآن بأن تقول “لا للحرب”، وهي مهمة يجب أن تقوم بها كل القوى الحية والمنظمات والأحزاب التي تدعو للسلام، لأن مستقبل الإنسانية بات على المحك، ولم يعد مسألة فيها وجهة نظر.
على كل القوى المحبة للخير والسلام وتؤمن بالإنسان وحقه في الحياة أن تتحدى الحروب والنزعة العسكرية، وترفض الفقر وعدم المساواة والعنصرية وكراهية الآخر، وأن ترفع صوتها، وتتحول إلى قوة شعبية هائلة تشكل سداً منيعاً في مواجهة الحرب، قبل أن يتحول العالم بأسره إلى وقود لها.
كما أن للحرب جيوشها وأسلحتها وحشودها بهدف القتل والتدمير، يجب أن يكون للسلام جيوشه وأسلحته وحشوده لوضع حد لجنون العنف والقتل والإبادة.
وإذا كانت الحرب مأساة يستعمل فيها الإنسان أفضل ما لديه ليُلحق بنفسه أسوأ ما يصيبه، فلديه خيار آخر في أن يلجأ إلى أفضل ما لديه لحماية نفسه، وهو خيار العودة إلى إنسانيته والتشبث بالحياة كحق وهبها الله له وكفلتها كل الشرائع والقوانين الدولية.
وبما أن الحرب الأوكرانية تنذر بالتوسع، وفي طريقها لأن تكون حرباً كونية إذا ما أصرت الرؤوس الحامية التي تتحكم في مسارها وبالأزرار النووية على المضي قدماً في طريق الهلاك، فالأمر يستدعي عدم الانتظار لوقف هذا الجنون الآن قبل الغد، وذلك دعماً لموقف العديد من الدول الرافضة للحرب والداعية إلى المفاوضات وصولأ إلى تسوية عادلة تحفظ أمن الجميع.
في عام 2003 تشكلت قوة شعبية هائلة ضد الحرب التي كانت تعدّ لها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد العراق استعداداً لغزوه بما يتناقض مع الشرعية الدولية، واستناداً إلى ذرائع كاذبة وملفقة حول امتلاكه أسلحة دمار شامل. يومها تم تنظيم تظاهرات مليونية في مئات مدن العالم ضد الغزو، وكان الهتاف الموحد “لا للحرب” هو الصوت الوحيد الذي تردد يومها وسط صخب التدليس والنفاق وهدير الدبابات والطائرات التي كانت تستعد لتدمير العراق.
تلك كانت لحظة فارقة في تاريخ الشعوب الرافضة للحرب، ورسالة لمن يؤججون الحروب بأنه آن الآوان لأن يعيش العالم في سلام وينعم بالحياة.
صحيح أن تلك “الهبّة العالمية” لم توقف الحرب، لكنها شكلت مساراً عالمياً جديداً في مقاومة الحروب، يجب أن يتكرر الآن.
إن التظاهرات الأخيرة التي شهدها العديد من المدن الأوروبية مثل برلين ودرسدن وباريس ولندن وبلغراد وشارك فيها عشرات الآلاف، رفضاً للحرب واحتجاجاً على تزويد أوكرانيا بالمزيد من الأسلحة، إضافة إلى الدعوات التي صدرت عن بعض السياسيين الأوروبيين لتنظيم تظاهرات “ضد الحرب بالوكالة”، كلها إرهاصات تدل على بداية تحرك شعبي عالمي لوقف الحرب، وإنقاذ العالم من مصير مجهول.
تقول الأديبة والناشطة الأمريكية هيلين كيلر “حارب ضد الحرب، لأنهم من دونك لا يمكنهم خوض أية معارك”.
المصدر: صحيفة الخليج