الرئيسية / مقالات رأي / أوكرانيا والخطة الصينية

أوكرانيا والخطة الصينية

بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج

الشرق اليوم- من نافل القول إن كل الأطراف الدولية الفاعلة، بما في ذلك طرفي الصراع المباشر في أوكرانيا، معنية بالبحث عن إيجاد حل سياسي أو تسوية لهذا الصراع الذي دخل قبل أيام عامه الثاني، رافعاً منسوب التوتر في العالم، إلى الحد الذي بات يقرب احتمالات الصدام بين الشرق والغرب تحت ظلال المخاوف من شبح الحرب النووية.

ليست الصين أول من بادر لإطلاق خطة سلام لإنهاء الحرب الأوكرانية، فقد سبق ذلك مفاوضات مباشرة بين طرفي الصراع، ترافقت مع بدايات العملية العسكرية الروسية، وكانت هناك محاولات من جانب الأمم المتحدة وتركيا، ناهيك عن المحادثات والاتصالات التي أجراها العديد من القادة الأوروبيين، لكنها كلها انتهت إلى الفشل، لأسباب كثيرة ومتعددة، ولحسابات داخلية وخارجية.

غبر أن الصين هي أول من طرح خطة سلام تتضمن نقاطاً واضحة ومحددة، وإن لم تنشر تفاصيلها كاملة حتى الآن، إلا أن بعض النقاط المتداولة تأخذ في الاعتبار مصالح الطرفين، من نوع تلبية المخاوف الأمنية الروسية المشروعة، و”احترام سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا”، وهذه الأخيرة تثير الكثير من التحفظات لدى موسكو خصوصاً لجهة احتفاظها بالقرم والأراضي التي تمت السيطرة عليها خلال العملية الأخيرة.

حتى الآن لم نسمع رد فعل كييف أو موقفاً محدداً من الخطة الصينية، سوى الحديث عن أن هناك حاجة إلى مناقشتها بين زيلينسكي والرئيس الصيني شي جين بينغ، وسط توقعات بأن ترفضها كييف في نهاية المطاف، فيما رحبت موسكو مبدئياً بالخطة التي طرحها الأصدقاء الصينيون، لكنها أشارت إلى أن “تفاصيل هذه المبادرة يجب أن تخضع لتحليل دقيق وحسابات، وهي عملية طويلة ومرهقة”. ومع ذلك، فقد أكد المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، أن روسيا “في الوقت الحالي لا ترى أي شروط مسبقة للتقدم نحو السلام، هناك عملية عسكرية خاصة جارية، ويتم التحرك نحو الأهداف المحددة”. لكن ما الذي يجعل الصين تبادر إلى طرح خطة سلام في أوكرانيا وهي تعرف أن فرصتها في النجاح غير متوفرة في الظروف الحالية، على الأقل؟

بالعودة قليلاً إلى الوراء، يتضح أن ثمة علاقة مباشرة للمبادرة بالضغوط التي يمارسها الغرب على بكين، فهي قد جاءت في أعقاب التوتر الحاد الذي نشأ بين واشنطن وبكين على خلفية إسقاط المنطاد الصيني، وفي خضم الضجيج الأمريكي والأوروبي حول تزويد الصين لروسيا بالأسلحة، والهدف واضح، بطبيعة الحال، وهو قطع الطريق على التقارب الروسي الصيني، والمحاولات المستمرة لإحداث تباعد بين الجانبين. لكن الصين تدرك أيضاً أهمية استخدام الدبلوماسية في العلاقات الدولية؛ إذ على الرغم من أنها مهتمة بالتأكيد في إنهاء الأزمة الأوكرانية، إلا أنها تدرك أيضاً أن الغرب لديه حسابات خاصة، لجهة إضعاف روسيا واستنزافها في أوكرانيا، عبر ضخ السلاح والعتاد، وفك الارتباط بينها وبين موسكو، وبالتالي لا أحد يستطيع اتهام بكين بعدم المبالاة تجاه الأزمة الأوكرانية، أو أنها لم تحاول، على الأقل، العمل على حل الأزمة، ما يخفف الكثير من الضغوط الغربية عليها.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …