الشرق اليوم- في كل يوم يأخذ الصراع الأمريكي – الصيني أبعاداً جديدة، تشي بمزيد من تدهور العلاقات، ولا يبدو أن اللقاءات المباشرة والاتصالات غير المباشرة بين مسؤولي البلدين سوف تؤدي إلى تهدئة الوضع أو التخفيف من حدته.
العلاقات تجاوزت حدود المنافسة المشروعة، ودخلت مساراً يوحي بأن التنافس مسألة باتت من الماضي، طالما أن للبلدين نهجين مختلفين في السياسة والاقتصاد والأمن، وطبيعة العلاقات الثنائية والدولية.
كان مأمولاً أن تؤدي القمة التي جمعت بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والصيني شي جين بينغ في إندونيسيا على هامش قمة العشرين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى وضع ضوابط وأطر للعلاقات بين البلدين، بعدما أعربا عن رغبتيهما في عدم تحوّل المنافسة بين بلديهما إلى صراع، وأن يتمكنا من إدارة الخلافات بينهما، على أن يستكمل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن هذه المهمة بزيارة إلى بكين كانت مقررة في مطلع الشهر الحالي، لكن جاء حادث إسقاط المنطاد الصيني فوق الولايات المتحدة ليلغي الزيارة، وتدخل العلاقات في مسار جديد من التوتر، بعدما اتهمت واشنطن بكين بأن المنطاد هو للتجسس، فيما نفت الأخيرة ذلك وقالت إنه خرج عن مساره وهو في مهمة علمية لها علاقة بالطقس.
وسط “معمعة المنطاد” اجتمع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ونظيره الصيني وانغ يي في جنيف على هامش مؤتمر الأمن يوم السبت الماضي، لكن من الواضح أنهما لم ينجحا في لملمة الوضع، وكانت تصريحاتهما قبل اللقاء وبعده تدل على أن البلدين دخلا مرحلة جديدة من الصراع، إذ عمد الوزير الأمريكي إلى الإعراب عن قلقه من توجه بكين لتقديم “دعم فتاك إلى روسيا” في الحرب الأوكرانية، وحذر الصين من “تداعيات وعواقب” في حال تبين أنها تقدم “دعماً مادياً” إلى روسيا، أو أنها تساعدها في الإفلات من العقوبات.
أما وزير الخارجية الصيني وانغ يي فحمل بشدة على إسقاط المنطاد واعتبره “هستيرياً”، مردداً القول إنه مجرد منطاد بسيط لأبحاث الطقس انجرف إلى المجال الجوي الأمريكي “على نحو عَرضي”، وتساءل: “السماء مليئة بالمناطيد من دول مختلفة.. هل تريدون إسقاطها كلها؟ هذا لا يبرهن على أن أمريكا قوية”. وفي ما يتعلق بالحرب الأوكرانية أكد أن بلاده هي “نصيرة السلام”، وأن على موسكو وكييف “الجلوس حول الطاولة وإيجاد حل سياسي للنزاع”، لكن من الواضح أن هذا الموقف يتعارض مع وجهة نظر واشنطن التي ترى في بكين حليفاً لموسكو.
من الواضح أن الولايات المتحدة لا تنظر بعين الرضا إلى موقف الصين من الحرب الأوكرانية، شأنها شأن بقية الدول التي تتخذ موقفاً محايداً ولم تنخرط في تأييد الموقف الأمريكي، وهي بذلك تضيف أزمة جديدة إلى الخلافات بينهما مثل اختلال التوازن في العلاقات التجارية، وأزمة تايوان ومسألة هونغ كونغ، والمنافسة في قطاع التكنولوجيا، وفرض ضوابط جديدة تحدّ من قدرة بكين على شراء وتصنيع رقائق إلكترونية عالية الجودة يمكن أن “تستخدم في التطبيقات العسكرية”، وذلك في إطار معركة شرسة بين القوتين الاقتصاديتين من أجل الهيمنة الإلكترونية.
السؤال، وماذا بعد ذلك؟
المصدر: صحيفة الخليج