الشرق اليوم– مع قرب دخول الحرب الأوكرانية عامها الثاني من دون أي أمل بالتوصل إلى اتفاق قريب لمحادثات سلام، ومع تصاعد الدعم الغربي غير المحدود لأوكرانيا، وإطلاق النفير، لتزويدها بأسلحة متطورة، ودبابات حديثة، وأنظمة مضادة للصواريخ، وطائرات مقاتلة، يبدو أن روسيا تسعى من جهتها إلى تطوير وسائل المواجهة، وتصعيدها، بعدما أدركت أن الغرب لا يريد التسوية، ويمضي قدماً في مسعاه لهزيمتها، وبعد أن تأكد لديها أن الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة، يعتمد على الأقمار الاصطناعية في تزويد القوات الأوكرانية بالمعلومات والإحداثيات حول وجود القوات الروسية، لاستهدافها.
لم تنفِ الولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي أنها تقوم بتزويد القوات الأوكرانية بمعلومات استخباراتية، تمكنها من ضرب القوات الروسية في خطوط القتال وخلفها، لإعاقتها عن تحقيق أي تقدم.
لا شك في أن هذه المعلومات الاستخباراتية يتم جمعها من خلال عشرات الأقمار الاصطناعية، الموجودة في الفضاء والتي تقوم بمراقبة القوات الروسية وتحركاتها على مدار الساعة.
وبما أن الحرب بدأت تتجاوز “الخطوط الحمر”، فإن روسيا ترى أن من حقها تجاوز هذه الخطوط، للدفاع عن نفسها بما أن الهدف هو هزيمتها.
وإذا كان الفضاء لا يزال حتى الآن خارج المواجهة، إلا أن عسكرته بدأت منذ سنوات من خلال “حرب النجوم” التي أطلقها الرئيس الأسبق رونالد ريغان، ثم تواصلت من بعده، بإنشاء قيادات عسكرية فضائية في كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين، ما يعني أن الحرب الفضائية دخلت في استراتيجيات القوى العظمى التي بدأت تعد العدة للمواجهة الفضائية المحتملة، من خلال إطلاق الأقمار الاصطناعية ذات الأهداف العسكرية، وتجربة تدمير أقمار اصطناعية بواسطة الصواريخ التي تطلق من الأرض، كما فعلت روسيا في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما قامت بتدمير قمر اصطناعي غير نشط موجود في المدار منذ 1982؛ وذلك في رسالة واضحة للولايات المتحدة بتنامي قدراتها الصاروخية، لتصل إلى الفضاء الخارجي.
لذلك، عندما يهدد مسؤول في وزارة الخارجية الروسية، باستهداف البنى التحتية المدنية الفضائية التي تستخدمها الولايات المتحدة للتجسس على روسيا، وبأن ذلك يعد “هدفاً مشروعاً”، فذلك يعني أن الحرب الأوكرانية قد تنتقل إلى مرحلة جديدة أكثر خطورة؛ إذ يقول مدير إدارة منع الانتشار والحد من التسلح بالخارجية الروسية كونستانتين فوروتسوف: “إن مخاطر تحويل الفضاء الخارجي إلى نقطة انطلاق لشن الحرب قد بدأت في الفضاء، وما يعكسه من تهديد للأمن الدولي”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة “تستخدم البنية الفضائية شبه المدنية في خدمة الأغراض العسكرية”. وإذا ما نفّذت روسيا وعيدها، فهذا يعني تغييراً في قواعد اللعبة، وقد تكون محاولة من جانب روسيا، لاحتواء هذه الحرب المفتوحة، ووقف الدعم الغربي لكييف؛ ذلك أن روسيا تدرك أيضاً بأن البنى الفضائية الروسية ستصبح هدفاً من جانب الدول الغربية.
سواء كان التهديد الروسي مجرد تهويل أو أمراً جدياً، فالحرب الأوكرانية بدأت تخرج عن خطوط المواجهة التقليدية إلى ما هو أخطر.
المصدر: صحيفة الخليج