بقلم: محمد السعيد إدريس – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- عندما فاجأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المعارضة التركية بإعلانه التعجيل بموعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية عن موعدها المقرر في 28 يونيو/ حزيران المقبل إلى يوم 14 مايو/ أيار المقبل، رأى الكثيرون أنه بهذا التعجيل بموعد إجراء الانتخابات وجه ضربة قوية للمعارضة، ربما تمكنه من الوفاء بما تعهد به أمام اجتماع لنواب حزبه «العدالة والتنمية» عندما أعلن هذا القرار في مطلع العام الحالي لمواجهة «تحالف طاولة الستة» (المعارض).
ثقة أردوغان وتفاؤله بالفوز يرجع لثلاثة أسباب:
أولها، أنه استطاع وحزبه تجديد مشروعه السياسي ليتناسب مع طموحات الشعب التركي خلال المئة سنة المقبلة، وهو المشروع الذي سيخوض على أساسه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة، ويعتقد أنه يتضمن من الإبهار ما سيمكنه من تحقيق الفوز الساحق، ويحمل اسم «قرن تركيا».
ففي احتفالات تركيا بالذكرى ال 99 لتأسيسها في 29 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كشف أردوغان عن خطة حزبه التي ستحدد ملامح تركيا خلال ال 100 عام المقبلة تحت شعار «قرن تركيا»، وأعلن أنه سيقترح دستوراً جديداً على البرلمان كجزء من رؤيته المستقبلية. ولفت إلى أن الدستور الجديد سيعزز أيضاً سيادة القانون والتعددية والعدالة، كما سيتضمن حريات كل مواطن ويوفر للشباب النظر بأمل إلى المستقبل.
وخاطب أردوغان الشعب التركي لدعم ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة وقال «من خلال الدعم الذي أطلبه وأتلقاه من الشعب، باسمي للمرة الأخيرة، سنبدأ إنشاء (قرن تركيا) وبعدها سنعطى الراية المباركة للشباب». بهذه الخطوات يكون أردوغان وحزب العدالة والتنمية قد امتلكا متطلبات خوض المعركة الانتخابية وبالتحديد: اسم المرشح والبرنامج الانتخابي القادر على إبهار الناخبين ونيل دعمهم.
ثانيها، ما رجح ثقة أردوغان بالفوز، يرجع إلى إدراكه عدم اتفاق أحزاب المعارضة وخاصة الأحزاب الستة على اسم مرشح واحد محدد تخوض به الانتخابات الرئاسية.
وإذا كانت الأنظار تتجه إلى اسم أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول (أحد أبرز أسماء حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة) فإنه، أي أوغلو، يواجه الكثير من العقبات التي قد تحول دون ترشحه. ففي منتصف ديسمبر 2022 حكم عليه بالسجن لسنتين ونصف السنة وبالمنع من العمل السياسي بتهمة قديمة جرى استجلابها من الملفات وهي إهانة أعضاء لجنة الانتخابات البلدية ووصفه لهؤلاء ب«الحمقى»، بسبب إبطالهم انتخابه في المرة الأولى لرئاسة بلدية إسطنبول رداً على إهانة وجهت إليه من وزير الداخلية. ورغم وقف تنفيذ الحكم باستئناف قدمه محاميه، فإن أمر حسم مرشح واحد لتحالف المعارضة يزداد غموضاً مع ميل «حزب الشعوب الديمقراطي» (الكردي) إلى تقديم مرشح باسمه لخوض الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي يزيد من صعوبة موقف المعارضة.
ثالثها، أن المعارضة، وقت أعلن أردوغان التعجيل بموعد إجراء الانتخابات لم تكن قد بلورت مشروعها السياسي الذي ستخوض به الانتخابات، الأمر الذي زاد من تشكيك الإعلام الموالي لأردوغان في إمكانية نجاحها في التوافق على مشروع سياسي موحد، لستة أحزاب متباينة الرؤى.
وإذا كان أردوغان قد فاجأ المعارضة فإنها صدمت تفاؤله بمفاجأة، تمثلت ببلورة مشروع سياسي أكثر إبهاراً للناخبين من مشروع أردوغان، عبر طرح مشروع دستور جديد يعتمد النظام البرلماني وينهي النظام الرئاسي الذي فرضه أردوغان، وجعل سلطة رئيس الجمهورية رمزية إلى أبعد حد، وتأكيد استقلاليته وعدم انتمائه إلى حزب سياسي خلال وجوده في السلطة، وينتخب لدورة واحدة مدتها سبع سنوات. وتراهن مجموعة أحزاب «طاولة الستة» على ثقلها السياسي ومشاركة قادة أحزاب كانوا من أهم وأبرز مساعدي أردوغان ثم انشقوا عليه اعتراضاً على سياساته، أولهم أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء وزير الخارجية الأسبق، وعلي بابا جان وزير الاقتصاد البارز في حكومات أردوغان.
المعارضة لم تكتف بذلك، لكنها بدأت تشكك في ترشح أردوغان وتؤكد أنه ليس من حقه الترشح لهذه الانتخابات لأنه خاض الانتخابات الرئاسية مرتين كما يقول الدستور عام 2014 وعام 2018 وليس من حقه دستورياً الترشح لمرة ثالثة.
مفاجآت أخرى تزيد المعركة الانتخابية سخونة قبل أكثر من ثلاثة أشهر على موعدها.